آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

الوقت الضائع

محمد أحمد التاروتي *

يتحرك البعض بشكل عاطفي وأحيانا بطريقة انفعالية، مما ينعكس على المواقف المتخذة، حيث يغلب عليها الارتجالية وعدم التوازن، فضلا عن غياب الحكمة احيانا، الامر الذي يقود للخسارة، وعدم القدرة على الاستثمار بالطريقة السليمة، نظرا للافتقار الأدوات القادرة على تحقيق المكاسب، والوصول الى الاهدف المرسومة، خصوصا وان التحرك يهدف لاحداث تغييرات على الصعيد الذاتي، سواء كانت هامشية او جوهرية.

الانفعالية وعدم القدرة على التحكم في الاختيار الصائب، تشكل عناصر أساسية في ضياع الجهود المبذولة، لاسيما وان البعض يسعى لمحاولة اقتناص بعض المكاسب، من خلال استغلال جانبا من الاحداث المفصلية، بحيث تظهر على مواقف مرتكبة، وغير مستقرة، نظرا لانعدام القدرة على القراءة الدقيقة على ارض الواقع، مما يقود لمزيد من الخسائر وفقدان الرصيد الاجتماعي، لاسيما وان المواقف المرتكبة وغير المتزنة، لا تجد أصداء إيجابية، لدى العديد من الشرائح الاجتماعية، الامر الذي يؤثر بشكل مباشر على القاعدة الشعبية، خصوصا وان الانخراط الخاطئ يقود الى نتائج كارثية في الغالب.

سيطرة العاطفة، وتجميد العقل معضلة كبرى، فالعاطفة مطلوبة في بعض المواقف، ولكنها مدمرة في الكثير من الأحيان، لاسيما وان الانجرار وراء العواطف يخلق الكثير من المشاكل، ويسهم في تفاقم الأمور، نظرا لاتخاذ مواقف غير قادرة على احداث حالة من التوازن الداخلي والخارجي، بحيث تبرز على شكل مواقف متشنجة وغير واعية، نظرا لاستبعاد التفكير العقلاني والاستجابة للمشاعر العاطفية، وبالتالي فان الخسائر المترتبة على تحكيم ”العواطف“ كبيرة، وأحيانا يصعب حصرها والسيطرة عليها، خصوصا وان الاستجابة لنداء العقل يمثل طوق النجاة، والوسيلة لحصد النتائج المرجوة، لاسيما وان التفكير العاطفي غير قادر على وضع الأمور في المسار الصحيح غالبا، مما يسهم في زيادة ”الطين بلة“.

محاولة تدارك الموقف، والسعي للحاق بالركب، والعمل على جني بعض الثمار، تحركات مطلوبة على الدوام، لاسيما وان مسيرة ”الالف ميل تبدأ بالخطوة“، بيد ان الطريقة المتبعة وغير الموفقة، تعرقل عملية تحقيق تلك الطموحات والمساعي، فهي لا ترتقي للمستوى المطلوب، مما ينعكس على المزيد من التدهور، والتقهقر على الصعيد الذاتي، جراء انتهاج الوسيلة غير العلمية او غير المنسجمة مع التطورات، نظرا لسيطرة التفكير القديم، وعدم التحرك باتجاه الارتقاء نحو الامام، وبالتالي فان تلك المساعي تكون هباء منثورا، الامر الذي يستدعي إعادة ترتيب الأولويات بما يتناسب مع مجموعة الأهداف المستهدفة، من وراء التحرك على الصعيد الاجتماعي.

طريقة التفكير ”المتعالية“ او ”المتخلفة“ بمثابة مرض عضال، فالبعض لا يحسن التفكير الصحيح في التعاطي مع الملفات الاجتماعية، بحيث يتعامل ب ”فوقية“ مع مختلف الشرائح الاجتماعية، مما يكرس حالة ”الخصام“ مع القاعدة الشعبية، الامر الذي يتمثل في عدم الاستجابة لنداءات النزول للشارع، وبالتالي ”التواضع“ للتعرف على الواقع الاجتماعي، بعيدا عن التنظير والتثاقف غير المبرر، فيما يفتقر البعض الاخر للمنهجية السليمة والقادرة، على التعاطي بوعي مع الملفات الاجتماعية، نظرا لسيطرة التفكير ”القديم“، او المتخلف، مما يولد ”طلاق“ بائن، جراء اختلاف التفكير بين الطرفين، بحيث يصعب الالتقاء عند نقطة معنية، الامر الذي يزيد من الهوة الفاصلة، جراء التباعد الكبير في التفكير، وبالتالي فان العمل على إعادة التفكير بما ينسجم مع التطور، يساعد في إيجاد نقاط مشتركة، مما يقود في نهاية المطاف لكسب بعض النقاط.

والانخراط في الوقت الضائع، لا يقود في الكثير من الأحيان لتحقيق المكاسب المرجوة، خصوصا وان المكاسب تم تقاسمها من لدن الأطراف الفاعلة في الساحة، مما يجعل عملية اقتطاع جزء من الكعكة، ليست سهلة على الاطلاق.

كاتب صحفي