آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

تخفيضات «أوبك» واكتتاب «أرامكو»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

على مائدة الغداء بالأمس سأل أحدهم: كيف ستؤثر تخفيضات ”أوبك“ في قيمة أسهمنا في ”أرامكو“؟ الإجابة القصيرة: إيجابيا، فطلب التفصيل.

توجه السعودية لقيادة المشهد في سوق الطاقة العالمية يتأكد عند كل منعطف، من هندسة اتفاق ”أوبك+“ إلى تجديده وتوجيهه ليكون استراتيجيا بعيد المدى. وما شهده اختتام اجتماعات منظمة ”أوبك“ بالأمس يؤكد أن علاج التباطؤ الاقتصادي الذي يلف العالم، الذي أسهمت فيه إسهاما لا يخطؤه متابع الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين، هو بالتخفيف من الإمدادات بقدر يسمح للأسعار بالتماسك، وهذا ما حدث بالفعل، حيث كانت ردة فعل خامات النفط المعيارية سريعة، بل إن الأسعار ارتفعت أكثر من 4 في المائة في اليوم السابق للاجتماعات نصف السنوية لـ ”أوبك“، وواصلت ارتفاعها إثر الإعلان رسميا عن التخفيضات. والقادم لن يخرج عن هذا المسار، بما يبقي الأسعار في مجال آمن فوق ال60 دولارا.

وفوق ذلك فقد بينت السعودية توجهها القيادي، بأن الالتزامات بالتخفيضات المعلنة ينبغي أن يتجاوز 100 في المائة مما هو معلن، بمعنى أنها تشجع الدول الأعضاء من داخل ”أوبك“ وخارجها ليس فقط على الالتزام بالتخفيضات المقررة بل التخفيض بوتيرة أعلى، بما يحقق التوازن بين العرض والطلب عند أسعار ملائمة. هذا التوجه حظي بقبول واسع، وهذا ما تم إعلانه.

ولا بد هنا من التعريج على موضوع جوهري للاقتصاد الوطني، وكذلك للأسواق المالية وأسواق الطاقة عالميا، وهو طرح ”أرامكو“. والسبب في هذا التعريج، أن دخول ”أرامكو“ عالم شركات الطاقة العالمية المدرجة سيعني تغيير عديد من المؤشرات، وإن كان هناك من وكالات الإعلام الاقتصادية والمتخصصة في شؤون الطاقة تركز على أن هناك صلة بين انتهاء اكتتاب ”أرامكو“ وانعقاد الاجتماع نصف السنوي لمنظمة ”أوبك“ الخميس الماضي! ورغم أن إجابة واضحة أتت من قبل الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة بأن لا صلة بين الحدثين، موضحا أن موعد اجتماع ”أوبك“ تحدد قبلها بعدة أشهر في منتصف العام. ولعل النقطة الأبرز، وضحها الأمير في مقابلته التلفزيونية مع قناة ”سي إن بي سي“ الأمريكية النافذة أول أمس، مبينا ما حمله طرح ”أرامكو“ طرحا محليا في سوق ”تداول“ من قيمة ومعان، وفي مقدمتها منح الأولوية للمواطنين ولمن دعموا وساهموا ووثقوا أن طرح ”أرامكو“ يحمل في ثناياه فرصا عملاقة للشركة العملاقة وللوطن، الذي يحتضنها وللملايين، التي استوعبت كل ذلك فاكتتبت، ليسجل التاريخ رقما قياسيا، معلنا أن أكبر شركات العالم وأكثرها ربحية مدرجة في ”تداول“. هذا أمر ينبغي أن نركز عليه ونوظفه توظيفا كاملا متكاملا بما يصب في مصلحة الشركة وحملة أسهمها، ولاستقطاب مزيد من الحيوية والسيولة لسوق الأسهم السعودية ”تداول“، ولاستقطاب مزيد من المستثمرين لاقتصادنا السعودي، هو ”مغناطيس“ هائل يستقطب قيمة ويشع فرصا.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى