آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

«ابن أخت القوم منهم»

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

ترتفع أصوات المواطنات وأبنائهن برغبة الحصول على الجنسية السعودية بحسب الأنظمة السابقة في نظام الجنسية، بمنح الجنسية لأبناء المواطنة السعودية المتزوجة من غير سعودي.

لا يوجد إحصائيات رسمية معلنة توضح عدد السعوديات المتزوجات من غير سعوديين.

بالطبع الجنسية حق سيادي تمنحه الدولة وفق مصالحها واعتباراتها، ومن الصعب التجنيس بدون وجود آلية تنظيمية دقيقة حتى لا يخل بالتركيبة الديموغرافية والهوية الوطنية ويعيق التنمية، وقد منحت الحكومة السعودية أبناء المواطنات ميزات كثيرة جلها نالوها في التعليم والصحة مع بعض التحفظات من جهات أخرى تضيق عليهم في العمل وكثير من الامتيازات التي منحوا إياها وتعلن بين حين وآخر من هيئة حقوق الإنسان.

من المؤلم أن يعامل ابن وبنت المواطنة بعد وفاة والدتهم كأي أجنبي وافد، حيث يحرم من جميع الميزات التي حظى بها.

من يقول فليعد إلى بلد والده فهو كمن يصدق على قول الشاعر الجاهلي بنونا بنو أبنائنا، وبناتُنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد

فكيف لو كان ابن المواطنة تربية هذا الوطن الكريم الذي لم يبخل عليه في تعليمه ولا علاجه، ومن له لو تربى لأم انفصلت عن والده بالطلاق أو الوفاة ولا علاقة له بأهل والده، ولا يعرف بلدا غير السعودية.

الانتماء للوطن لا تحكمه الجنسية والأصل والأمثلة عديدة، فلا نسب أبي لهب شفع له وتبت يد أبي لهب وتب، ومن يعيب زواج المواطنة من غير أبناء وطنها وكثيرا ما يكون اختيارا قد تضطر له تلبية لحاجتها بالاستقرار والإنجاب عندما لم يتقدم لها الكفء من وطنها، فهل ننسى قوله تعالى: «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم».

وأن نبي الرحمة نسف هذا العرف الجاهلي بقوله عن ابن بنته الحسن بن علي : «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» أخرجه البخاري. وأجمع العلماء على تحريم الزواج ببنت البنت أخذاً من قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ»، فبنت البنت بنتٌ.

وضع أبناء المواطنات العالق مؤلم خصوصا بعد وفاة والدتهم على أنه لما دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ فَقَالَ: «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ» قَالُوا: لاَ، إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ» متفق عليه.

وإن وضعت الدولة نقاطا لقبول تجنيسهم، ولكن حتى حسم الأمر فلم لا تكون هناك جهة مخصصة ومستقلة، لتكون مرجعا تنظيميا وإشرافيا وتنفيذيا لهذا العدد الكبير من أبناء وبنات المواطنات، ويعنى بأحوالهم بالترابط مع الجهات التعليمية والصحية والمهنية والاجتماعية والحقوقية والعدلية والأمنية، وينهى هذا الجدل.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي