آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

اللُّغَة العربيَّة في يومها العالمي

الشيخ سمير آل ربح

اليوم العالمي لِلُّغة العربيَّة هو يوم للاحتفاء بها في 18 كانون الأول / ديسمبر من كل سنة، وهو اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في كانون الأول/ ديسمبر عام 1973، والذي يُقرُّ بموجبه إدخالَ اللُّغَة العربيَّة ضمن اللُّغَات الرَّسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.

وقد مرّ القرار بمراحل سبقته «ولحقته»، منها:

1 - بعد جهود بذلت منذ خمسينات القرن الماضي، أسفرت عن صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 878 الدورة التاسعة المؤرَّخ في 4 ديسمبر 1954، يجيز الترجمة التحريرية فقط إلى اللُّغَة العربيَّة، ويقيد عدد صفحات ذلك بأربعة آلاف صفحة في السنة، وشرط أن تدفع الدَّولة التي تطلبها تكاليف الترجمة، وعلى أن تكون هذه الوثائق ذات طبيعة سياسية أو قانونية تهم المنطقة العربيَّة.

2 - وفي عام 1960 اتخذت اليونسكو قرارًا يقضي باستخدام اللُّغَة العربيَّة في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربيَّة وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربيَّة.

3 - واعتُمد في عام 1966 قرار يقضي بتعزيز استخدام اللُّغَة العربيَّة في اليونسكو، وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربيَّة، ومن العربيَّة إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة.

4 - وفي عام 1968 تم اعتماد العربيَّة تدريجيًا لغة عمل في المنظمة، مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر الحرفيَّة وتوفير خدمات التَّرجمة الفورية إلى العربيَّة.

5 - واستمر الضغط الدبلوماسي العربي، إلى أن أُقِرَّ استعمال العربيَّة لغة شفوية في أثناء انعقاد دورات الجمعية العامة في سبتمبر 1973,6 - وبعد إصدار جامعة الدول العربيَّة في دورتها الستين قرارًا يقضي بجعل اللُّغَة العربيَّة ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقي هيئاتها، ترتب عنه صدور قرار الجمعية العامة رقم 3190 في أثناء الدورة 28 في ديسمبر 1973 يوصي بجعل اللُّغَة العربيَّة لغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها.

7 - وفي أكتوبر 2012 عند انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لليونسكو تقرر تكريس يوم 18 ديسمبر يومًا عالميًّا للغة العربيَّة، واحتفلت اليونيسكو في تلك السنة للمرة الأولى بهذا اليوم.

8 - وفي 23 أكتوبر 2013، قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربيَّة «أرابيا» التابعة لليونسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربيَّة كأحد العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل سنة.

وفي هذا اليوم، لنا وقفات:

1 - اللُّغَة جزء من تكوين الهوية على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة، فهي تشكل «مع أمور أخرى كالدين والثقافة ونحوهما» شخصية الفرد والأمة، وبالتالي كلما أُوليَ هذا العنصر اهتمامًا على المستويين: النظري والعملي، تبلورت هذه الشخصية، وقد يعيش الفرد/ الأمة انهزامًا نفسيًّا «وواقعيًا» أمام لغته، سرعان ما يقل اهتمامه بها لصالح لغات أخرى «كاللُّغَة الإنجليزية». إننا ندرك أهمية تعلم لغات حيوية؛ لأنها بوابة المعرفة والانفتاح الحضاري، لكن ليس إلى درجة ضعف العناية باللُّغَة الأم، في مقابل ذلك تجد بعض الشعوب «الفرنسي مثلًا» لديهم اعتداد شديد بلغته إلى درجة التعصب لها على حساب لغات أخرى.

2 - ينبغي المزيد من العناية بتدريس علوم اللُّغَة العربيَّة بفروعها في التَّعليم العام والجامعي. إن ضعف المخرجات التي يلاحظها القاصي والدَّاني لدليلٌ واضحٌ على خلل ما: في المنهج أو المنفِّذ أو المستقبل، وربما في كل ذلك.

3 - إن كان إتقان قواعد اللُّغَة الصرفية والنحوية، بل البلاغية والأسلوبية، هو ضرورة لكل ذي لسان عربي، فإنه أشد ضرورة للنخب أصحاب القلم وأرباب البيان، كيف لكاتب أو لشاعر أن تُصحح مقالاته وتُراجع كتاباته ليستدرك عليها أبجديات النحو ومبادئ الصرف؟! وها هي أقسام التصحيح في الصحف «الورقية والإلكترونية»، وفي دور النشر، تعمل ساعات في كل يوم من أجل تدارك تلك الأخطاء. إن المراجعة اللُّغوية أمر طبيعي إذا كانت بسبب هفوات نتيجة النسيان أو الخطأ إلى حدٍّ مقبول. وإذا أردنا أن نرجع قليلًا، فإن من أصول الكتابة والتأليف ونظم القصائد هو الإلمام بمقدار معتد به من القواعد النحوية والصرفية، ولو كان بمقدار“قطر الندى وبل الصدى”لابن هشام الأنصاري.

والكلام ذاته ينسحب على الخطباء الكرام، سواء أكانوا منبريين أم جماهيريين. إن الإيغال في اللَّهجة الدَّارجة يُفقد الخطبة بريقها، فضلًا عن تكرار أخطاء لا تُغتفر كرفع المجرور أو نصب المرفوع، ومثلهم المعلمون. إن لسانَ التعليم السائد الآن هو اللَّهجة المحلية الدَّارجة التي قد لا يفهمها من ينتمي إلى لهجة أخرى، وإن كان في قرية قريبة.

مصادر المعلومات والتواريخ:
موقع الأمم المتحدة/ موقع ويكيبيديا.