آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 12:10 م

طاولةُ الاختبارِ خيرُ شاهدٍ

ليلى الزاهر *

دقّ ناقوس الخطر عند البعض، وبدأت فرائصهم ترتعد خوفًا، خاشعة أبصارهم. يرتقبون حدثًا مهمًا لاشك أنّه سيحدث خلفه آهات أو انتصارات عظيمة .

الاختبارات مَمرٌّ غير ممهدٍ، ولا يمكن وصف الطلّاب الذين يُؤدّون اختبارهم بأنهم مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بطائنها رياش الجنان وينعمون بوافر الراحة.

وهذا هو شأن الحياة ترمي أصحابها بِشَرَرٍ من الاختبارات ويكون التباين بينهم هو النقطة الفارقة، أما نِتاجها سوف يُظْهِر الفكر الناصع والمبدأ المستقيم. فالبعض يُشلّ تفكيره، ويتخبط في جميع الوجهات والبعض الآخر يخرج من اختباره بحالة انسلاخ تامة عن ذاته، حياة جديدة، وعمر زاهر.

حقيقة مهمة يجب أن نفطنها وهي أنّ التوقف في منتصف الطريق بعد اختبارات الحياة الشاقة هو توقف عن النمو الطبيعي للإنسانية، الذي طالما شارف إنسانها على إبهار الكون بوجوده الحيّ، دون نمطيّة معهودة.

ونحن جالسون على مقاعد الاختبار، نُحدّق جيدا بمحتوى الأسئلة المُقدمة لنا وهي تلتهم وتحاصر ملامحنا إلا أننا نعاود استضافة أجمل ما عندنا من ملامح ونقول: إننا ننتمي لحزب الإنسانية النبيلة.

يقول الشاعر:

‏كُلُّ من يدّعي بما ليس فيه

‏كذّبته شواهد الامتحان.

‏إنّ الجميع يؤدي اختبارًا بطريقة أو بأخرى، والتفكير بأسوأ النتائج واتخاذ القرارات الصائبة يضعنا في دائرة الإبداع والابتكار كطالب ارتفعت لديه جرعات الثقة بالذات وسجّل معدلات تراكمية رائعة.

هناك الطبيب الذي يصف علاجه دون الالتفات لعمولة ربحيّة من شركات الأدوية.

‏وهناك المعلم الذي لايستغل مدح مديره له ليظهر أخطاء زملائه ويتسلّق القمّة فوق أكتافهم. وهنيئًا للتاجر الذي يرفض الجشع ويكتفي بالربح المعقول المتعارف عليه عند الجميع.

وهناك الكاتب الذي يبني العقول فلاتقوى الأيام على هدم كلماته؛ لأن سطوره تُترجم بنات عقله بمصداقية ناصعة البياض، وباتفاق تام بين الظاهر والباطن.

يقول باتريك:

ليس عندي إلّا مصباحٌ واحد يرشد قدميّ ويقودهما، ذلك هو مصباح الاختبار.

فإذا نُصبت طاولات الاختبار تصبح الشاهد الأول على تفوقنا أو بعثرة أحلامنا سدى أو ربّما سبيلًا لتصحيح أخطاءنا.

‏أخطاؤنا ترهقنا كثيرا، وكلّما برقتْ السماء تشدّنا الأخطاء نحو الأرض، فهي المسجد والطهور.

‏أيّتُها الأخطاء:

‏كفي عن ملاحقتنا، يكفينا ظلامك الدامس. ليت بيننا وبينك بُعد المشرقين.