آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

التفكير اللغوي

ميثم المسلم

يقول تعالى: «ناصية كاذبة خاطئة» من مدلول هذه الآية نستدل أن الناصية التي هي الجزء الأمامي من الدماغ تتحدث ولها لغة خاصة بها فتصدق وتكذب.

يقول جاك لاكان: أن بنية اللاوعي شيبه ببنية اللغة وكتشف سلسلة من الاستكشافات ذات الاتجاهين، للاوعي على اللغة، وللغة على اللاوعي، حيث يرى أن اللغة تخلق اللاوعي.

اللغة شبيهة بقطعة من الورق، والفكر يقع على وجهها، والصوت على ظهرها، ولا يمكن قص الوجه دون أن تقص الظهر في ذاته فللغة دور في تشكيل وصنع التفكير الإنساني.

إن للغة دور في التمييز بين مكونات التفكير الثلاثة الرمزي والخيالي والواقعي.

وأكد تشومسكي في أهمية قواعد اللغة وعلاقتها بالتفكير، وأن ضرورة الفصل التام بين الصحة النحوية وصحة المعنى.

لأنه إذا حصل خطأ في عمليات التفكير فإنه قد ينتج عن ذلك جملة صحيحة نحويا ولكنها في المحصلة النهائية غير صحيحة في المعنى بسبب الخطأ في التفكير الذي عجزت عملياته في لحظة استعمال اللغة عن تضمين سياقات ذهنية أو اجتماعية أو نفسية.

كما أكد قارندر في نظرية «الذكاءات المتعددة»

أن الذكاء اللغوي أحد أهم الذكاءات التي يسهل التعرف عليها، ولكنه من الصعب تطويره إلى مراحل متقدمة عند الإنسان مالم يكن ذلك مدعوما بموهبة فطرية عالية، لوطيد العلاقة بين اللغة والتفكير.

يؤكد دي بونو أنه من الخطأ افتراض أن الشخص الماهر في استخدام اللغة مفكر ماهر، كما أن من الخطأ أفترض أن الشخص الضعيف في التعبير اللغوي ضعيف بالضرورة في التفكير.

وتعد اللغة الأداة الأساسية في ممارسة الأنشطة العقلية، فالإنسان يملك لغة داخلية، ولغة تعبيرية.

فللغة الداخلية تمكنه من ممارسة التفكير الحر، والإدراك، والتعليم.

أما اللغة التعبيرية فتوجد في المشاركة في التفكير الاجتماعي، وتطوير العادات العقلية بما يخدم الإنسان والمجتمع.

يرى وليم جيمس أن الأفكار الإبداعية في التفكير اللاوعي ترفرف حول الوعي ليلتقطها حين يعيرها نصف اهتمام.

وهذا المستوى هو المسؤول عن الإبداع اللغوي.

وإذا تأملنا في الفرق بين التفكير ومهارات التفكير. فعمليات التفكير سلسلة من الأنشطة التي يقوم بها الدماغ لممارسة مهارة تفكير معينة، يعالج فيها المدخلات الجديدة «اللغوية والغير لغوية».

وأكد أوسجود أن اللغة تقوم بدور هائل في فترة التفكير التي تقع بين المثير والاستجابة.

وأيا كان الجانب في دراسة التفكير ومهاراته وعملياته، فإن العلماء رغم أنهم تعرفوا جيدا على الدماغ ومكوناته، وأن العمليات التي يجريها تتم على شكل إشارات كهربائية وكيميائية إلا أنهم إلى الآن غير متأكدين بشكل دقيق من كيفية حدوث عمليات التفكير اللغوي.

الذي يحلل العلاقة بين اللغة والقدرات المعرفية، ويرجع ذلك إلى تعقيد هذه العمليات وشدة حساسيتها، والغموض الذي يلف سير العمليات الدماغ ككل.

أما فيما يتعلق بعلاقة اللغة بالتفكير من الجانب الفسيولوجي فيقول روجرسبيري من أن الدماغ البشري نصفان، وأن لكل نصف مهام خاصة به.

فالنصف الأيسر من الدماغ مسؤول عن العمليات اللغوية الإنتاجية والتفسيرية.

والجانب الأيمن يحدث التفكير الإبداعي اللغوي به.

ويلخص دي بونو علاقة التفكير باللغة بأنها مرتبطان بسببين: ثقافي ومادي.

فالدماغ يتلقى كما كبيرا من المعلومات القادمة من البيئة، الذي يسوغها في أنماط المتمثلة في أفكار ومفاهيم ثم تأتي الكلمات من النظام اللغوي الذي بالدماغ.

وهنا يكمن أهمية العمليات الدماغية في ربط المجموعات الصغيرة من البيئة باللغة.

كما يؤكد دي بونو أهمية اللغة في تشكيل الإدراك وتكوينه، ويرى أن الإدراك كالماء تلائم مع الأوعية والأواني والظروف. حيث تتمازج محتويات الإدراك بقوة لتشكل الفكر الكلي.

مما يستوجب التوقف والدراسة ازدواجية تعامل مع الإنسان مع اللغة، حيث يتعامل مع اللغة إدراكا وإنتاجا بمنطق الماء.