آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

السيدة زينب (ع) منهج حياة

رضي منصور العسيف *

كانت ولادتها فرحة وسرورا فهي البنت الأولى في البيت العلوي... وقد نشأت في كنف مدينة العلم، وفي بيت الولاية، وفي محراب العبادة... ومنبع الفضائل ومكارم الأخلاق... نشأت السيدة زينب مع أخويها سيدا شباب أهل الجنة... كريم أهل البيت وسيد الشهداء.. ومن هذا المزيج الرباني ظهرت شخصية السيدة زينب كسيدة عظيمة بلغت من معاني الكمال والعلم والفضيلة أبلغ المعاني.

وعند قراءة سيرتها العطرة تستوقفنا عدة محطات أذكر لكم ثلاث منها:

المحطة الأولى

السيدة زينب رمز العفة والحياء

كوني متحضرة أكثر فأنت في عام 2020...

هكذا يتحدث من يدعي الحضارة والانفتاح... فهو يقدم فكرًا منمقًا جاذبًا ولكنه يسلب المرأة عفتها وحياءها... يدعوها لنيل حقوقها ولكنه يسلب منها «أنوثتها»... يدعوها للمشاركات الاجتماعية ولكنه يغرقها في بحر مليء بأسماك القرش...

لذا لابد للمرأة أن تعي تلك الدعوات وأن تحافظ على شرفها وعزتها وقيمها ولا تدع «ذئاب السوشيل ميديا» تنهش من قيمها، ولنا في السيدة زينب خير قدوة:

ينقل ”يحيى المازني“ وهو من العلماء ورواة الحديث أنه عاش مدة طويلة في المدينة في جوار علي . وكان منزله إلى جوار المنزل الذي كانت تسكنه زينب. ينقل أنه لم ير زينب ولم يسمع صوتها ولو لمرة واحدة، وكلما أرادت زيارة جدها، كانت تفعل ذلك ليلاً، حيث كان يمشي أبوها أمامها وأخواها الحسن والحسين على جانبيها. عندما كانت تصل إلى قبر جدها رسول الله ﷺ، كان علي يطفىء الشموع المضاءة في أطراف القبر. في أحد الأيام سأل الإمام الحسن عن سبب هذا الأمر، فأجابه الإمام : ”أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب“ [1] .

المحطة الثانية

السيدة زينب... مهارات الخطابة المؤثرة

جاء في خطبة السيدة زينب لأهل الكوفة:

يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر!! أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة. إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم. ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف؟ والصدر الشنف؟ وملق الإماء؟ وغمز الأعداء؟ أو كمرعى على دمنة؟ أو كفضة على ملحودة؟ ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.

أتبكون؟ وتنتحبون؟

إي والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً.

فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً [2] .

خطبة بليغة تتضمن جميع فصول البلاغة ولا غرو في ذلك فهي نابعة من سليلة سيد البلغاء.

لا أريد شرح الكلمات لكنني أود أن أشير إلى تلك المهارات التي يحتاجها كل خطيب أو خطيبة لكي يكون خطابه مؤثرًا في الناس بشكل فعال:

الثقة العميقة والإيمان الراسخ بقضية وموضوع الخطاب.

امتلاك مهارات الإقناع.

معرفة جمهوره الذي يخاطبه في واقعه وحاجاته واهتماماته وآماله ومستوى وعيه وإيمانه بالقضية المطروحة.

إلهام الجمهور المتلقي بواجباته تجاه ما يلقى عليه من حقائق.

وهذا الذي تميز به خطاب السيدة زينب في الكوفة والشام.

المحطة الثالثة

السيدة زينب... الشخصية القيادية

يقول أحد المفكرين "كانت زينب هي المرأة التي يجب أن تكون..

وفي الوقت الذي يجب أن تكون.. وفي الشكل الذي يجب أن تكون.. "

فهي أمرأه قيادية بجدارة...

فمنذ بدأ حياتها كانت تتسم بسمات قيادية، فإيمانها الراسخ منذ نعومة أظفارها حتى انعكس على سلوكها وتقواها واستقامتها ومكارم أخلاقها، كما كانت تتمتع بذكاء خارق وسعة أفق تفكيرها. كما كانت تتمتع بعلم غزير حتى قال الإمام السجاد : ”وأنتِ بحمد الله عالمة غير معلمة، وفاهمة غير مفهمة“

إضافة إلى قدرتها على تحمل المصاعب بكل شجاعة، وقدرتها على إدارة «رحلة الركب الحسيني» بعد معركة كربلاء، وما لازمها من أحداث وتحديات... كل هذا يدل على تلك الشخصية القيادية التي كانت تتمتع بها السيدة زينب .

هكذا هي السيدة زينب كل من يقرأ جزء من سيرتها فإنه يستوحي منها معالم القوة، والعزيمة، ومواجهة التحديات بكل اشكالها.

[1]  الشيخ جعفر النقدي، كتاب زينب الكبرى، ص22، ورياحين الشريعة، ج3، ص60.



[2]  السيدة زينب من المهد إلى اللحد، السيد محمد كاظم القزويني.

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف