آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

قطاع خاص ”عائلي“ ”3“

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

أما مساهمة المنشآت العائلية فمسيطرة في العالم بأسره، وتقدر بنحو 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وليس ثمة سبب للظن أن حالنا مختلف في السعودية. والسؤال ما الدور الذي يمكن أن تسهم فيه المنشآت العائلية لتعزيز جهد التحول وتحقيق ”رؤية 2030“؟ وما يعزز وجاهة السؤال أن مستهدفات ”الرؤية“ خلت من ذكر المنشآت العائلية، ما يجعل من المبرر السعي إلى تأطير دور للمنشآت العائلية يعزز مساهمتها في المجتمع والاقتصاد. ولا بد هنا من القول إن عديدا من البيوتات التجارية التليدة والمحدثة قد أسست مؤسسات لخدمة المجتمع بصور وأنماط متعددة تضبطها نماذج حوكمة تنم عن حرص في العطاء والمساهمة.

السؤال ما الجديد الذي بوسع المنشآت العائلية الرئيسة تقديمه لتحقيق ”الرؤية“؟ تناولت ”الرؤية“ ”الريادة“ في أكثر من موضع، و”الريادة“ هي ما يمكن للمنشآت العائلية الرئيسة أن تغذي بها الجيل السعودي الواعد. هناك من يريدنا أن نعتقد أن ”الريادة“ هي مكون وراثي وليس مكتسبا. وبعيدا عن الجدل، يمكن القول إن السعي إلى إيجاد جيل ريادي يطمح ليعمل لنفسه لا أن يتوظف لدى آخرين، هو أمر يجلب مكونا بالغ الأهمية للاقتصاد السعودي، هو مكون ”الريادية“ حتى يقبل عليها الشباب عن وعي يقوم على فهم الفرص وإدراك المخاطر دون وجل غير مبرر أو اندفاع غير محسوب. ثمة منظومة متكاملة يحتاج شبابنا إليها بقضها وقضيضها، هذه ليس لها أهل إلا المنشآت العائلية التي تمارس كل مراحل دورة حياة الريادة بأن تمررها لتسري في مجتمعنا سريان الدم في الشريان.

لكن ما تقدم ليس كافيا رغم الحاجة إليه، فتدخل الجهات الرقابية لحماية المنافسة بما في ذلك النفاذ للسوق أمر لا فكاك عنه، إذ إن القدرة التنافسية التي تمتلكها المنشآت العائلية الأم أو تلك المتفرعة منها لا قبل للرياديين الشباب بمجابهتها ومنافستها دون أن يخسروا ”قمصانهم وملابسهم الداخلية“. ولهذا الاعتبار فلابد من ضبط السوق لتكون متاحة للجميع، ولن يتحقق هذا إن لم تطبق قوانين صارمة تحمي المنافسة وتمنع الاحتكار وتمكن الرياديين وتخفف أخطارهم عن طريق احتضانهم إلى أن يقوى عود مشاريعهم وتضمن جزءا من أخطارهم، وإلا فإن تركهم للخوض في غمار السوق المفتوحة في عمر غض سيجعلهم عرضة للابتلاع والغرق والضياع، فيكونون بذلك عبرة لغيرهم بأن يتملكهم الوجل فيتعلقوا بأهداب أي وظيفة تكفيهم غمار تجارب مهلكة.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى