آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 5:53 م

الاعتدال.. المجتمع

محمد أحمد التاروتي *

يمارس البعض التطرف باشكال مختلفة، فتارة يكون التطرف بواسطة الافراط في استخدام الإمكانيات، بطريقة غير متوازنة ومموجة للغاية، مما ينعكس سلبيا على التصرفات الشخصية، وكذلك على الدائرة القريبة، بحيث تتحول الحياة الشخصية الى جحيم يصعب تحمله، الامر الذي يسهم في نشر تلك الامراض على الفئات القريبة منه، وبالتالي التطرف السلبي يحدث تداعيات سلبية، في العديد من المفاصل الاجتماعية، خصوصا وان البعض يحاول استغلال النفوذ بطريقة غير سليمة، انطلاقا من قناعات او أوهام ليست عقلانية.

بالإضافة لذلك فان التفريط يلعب دورا سلبيا، في احداث اثار كبيرة في حياة الفرد، بحيث تتسم بالفوضى وعدم الجدية في التعاطي مع الأمور، الامر الذي يسبب الكثير من الاحراج للأطراف القريبة، نظرا لغياب الجدية في التعامل مع المسؤوليات بطريقة حازمة، بحيث تتولد قناعات بعدم القدرة على اصلاح الأوضاع غير المستقيمة، نظرا لاصرار تلك الأطراف على التعامل بطريقة متهاونة، وبالتالي فان محاولة اخراج الأمور من الواقع البائس، يتطلب إعادة برمجة التفكير العقلي لتلك الفئة المتطرفة، خصوصا وان عملية البناء القائمة على ”الافراط او التفريط“ معرضة للسقوط بين فترة وأخرى، نظرا لافتقادها للقواعد الصلبة القادرة على الصمود، في وجه التيارات الجارفة في الوسط الاجتماعي.

التعامل باعتدال في التعاطي مع الأمور، يمثل الطريقة المناسبة، بهدف الخروج من الازمات بشكل سلسل للغاية، ”كَذَ?لِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ“ و”خير الأمور اوسطها“، وبالتالي فان الحرص على معالجة الأمور يتطلب دراسة جميع الاحتمالا، ت وعدم الانخراط بشكل فوضوي او عشوائي، فالمعالجات الناقصة تولد حلولا مستعجلة، وليست قادرة على وضع الأمور، في النصاب الصحيح، خصوصا وان التحرك المنطلق من قناعات متطرفة لا تخدم القضايا، بقدر ما تفاقم الأمور بشكل كبير، حيث يعمد البعض لاتخاذ معالجات سريعة، وردات فعل لا تنسجم مع الحلول العقلانية، مما ينعكس بصورة مباشرة على النتائج النهائية، اذ تتحول القضايا الى أزمات مزمنة جراء التحركات غير السليمة، والمستندة على اراء غير سديدة.

الاعتدال في التفكير يكشف رجاحة العقل، وينم عن قدرة فائقة في التحكم في الأمور، خصوصا وان فقدان السيطرة على الاعصاب، والانفعالات غير المتوازنة، تولد اعمالا وممارسات غير مقبولة على الاطلاق، مما يقود الى استخدام التطرف كاسلوب في التعاطي مع الأمور، اذ تكون الحلول مفرطة في التفريط بطريقة غير مقبولة، الامر الذي يعطي انطباعات سلبية، بما يكرس حالة بائسة في البيئة الاجتماعية، بمعنى اخر، فان البحث عن الحلول الوسط لا يمثل خوفا، او خشية من المواجهة المباشرة، بقدر ما يحاول امتصاص ردات الفعل المتطرفة، باعتبارها احد الأسباب وراء انتشار الفوضى، وعدم القدرة على ضبط الأوضاع، بما يحقق المصلحة العامة.

وجود الفكر المعتدل في البيئة الاجتماعية، يقضي على العناصر غير المنضبطة، او الساعية للدخول في متاهات مظلمة، خصوصا وان الاعتدال يساعد في تكريس العقلانية في التعامل مع القضايا، نظرا للقدرة على السيطرة الكبيرة في احلك الأوقات، خصوصا وان اكتشاف الحكمة يكون في الأوقات الصعبة، فالتهور والانجرار وراء العاطفة، يحمل الكثير من المصاعب والكوارث، على الصعيد الشخصي والاجتماعي في الوقت نفسه، فيما التريث وعدم اتخاذ القرارات المستعجلة، يحمي الفرد من ردود الأفعال غير المنضبطة، ويقضي على الأصوات غير العقلانية، الساعية لادخال الجميع في المجهول، لاسيما وان الاعتدال يسعى لتحريك القضايا بأسلوب متوازن وعقلاني، بغض النظر عن التحركات العاطفية غير المدركة، لتداعيات الأفعال الانفعالية على الساحة الاجتماعية.

الاعتدال بمثابة شعلة تضيء الطريق، وسط ظلمة الممارسات المتطرفة، خصوصا وان الابتعاد عن التفريط والافراط، يساعد في تجنب الكثير من الأخطاء، والعديد من الممارسات المتهورة، لاسيما وان التصرفات المتطرفة الفردية تقود لتخريب البيئة الاجتماعية، مما ينعكس على الحياة الشخصية، والعلاقات الاجتماعية بشكل عام.

كاتب صحفي