آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

‎المهرجانات.. الاخلاق

محمد أحمد التاروتي *

يتخذ البعض المهرجانات، لاعلان الطلاق البائن مع مجموعة القيم الإنسانية، بحيث تتحول الى مناسبة لاخراج بعض الامراض النفسية المكنونة في النفوس، بخلاف الهدف الاسمي لتنظيم تلك المناسبات الاجتماعية، فهي تنطلق من مبدأ ادخال البهجة في النفوس، ومحاولة كسر الروتين، فضلا عن تأسيس مرحلة جديدة في الثقافة الاجتماعية، خصوصا وان المهرجانات تقدم وجبة دسمة من البرامج التراثية، وكذلك الدروس الثقافية.

القراءة الخاطئة للمتغيرات الاجتماعية، تدفع باتجاه الاقدام على ممارسات غير أخلاقية، الامر الذي ينعكس سلبا على تلك المهرجانات، بحيث تبدأ بالدعوة للمقاطعة، واتخاذ الموقف الجماعي، مما يسهم في افراغها من أهدافها السامية، لاسيما وان طريقة التعاطي مع الجهمور تحدث ردود أفعال طبيعية، مما يولد حالة من الخصام والنفور، انطلاقا من التصرفات غير المسؤولة الصادرة من البعض، بحيث تظهر على مواقف صارخة، وعنيفة في بعض الأحيان.

الممارسات الفردية غير المتوازنة، لدى بعض الأطراف المشاركة، في المهرجانات على اختلافها، تكشف قصورا واضحا في انتهاج الاليات المناسبة، في الخروج بالشكل اللائق، خصوصا وان التحركات غير الأخلاقية، مرتبطة بطريقة التعاطي مع تلك التصرفات، بحيث تتسع دائرته بشكل افقي وعمودي، بمجرد التغاضي عنها، لاسيما وان البعض يقرأ المواقف الخجولة، كنوع من الرضا والموافقة، مما يحفز على تجاوز الخطوط الحمراء، والانطلاق لممارسة المزيد من التجاوزات غير الأخلاقية.

مبررات الممارسات غير الأخلاقية، ليست مقبولة على الاطلاق، اذ لا يمكن تمرير السلوك الشائن، باعتباره تصرف طارئ او غير مقصود، فالمرء مسؤول عن جميع افعاله وممارسته، في جميع الأحوال، وبالتالي فان محاولات الالتفاف على تلك التصرفات، يسهم في تفاقم المشكلة، ولا يسهم في القضاء عليها في مهدها، فالتعامل الأخلاقي يتطلب الاعتراف بالخطأ، ”الاعتراف بالحق فضيلة“، لاسيما وان المكابرة يكشف طبيعة الثقافة التي يحملها المرء، تجاه التصرفات الضارة، والممارسات التخريبية في البيئة الاجتماعية.

تصحيح المسارات الخاطئة بأسلوب متوازن، يسهم في امتصاص الاحتقان الاجتماعي، لاسيما وان السكوت على التصرفات غير الأخلاقية، يطلق العنان لمزيد من الممارسات، خلال الفترة القادمة، خصوصا وان استخدام تلك الممارسات غير المسؤولة في المهرجانات، لا يعكس حالة من حسن النوايا على الاطلاق، فالمرء العاقل يقدر المواقف بشكل عام، مما يدفعه لاستخدام الأساليب المناسبة، بحيث تعود على عليه بالفائدة، جراء التمسك القيم الأخلاقية الفاضلة.

التصرفات غير الأخلاقية في المهرجانات قليلة، ولكنها تؤثر بصورة مباشرة، على رسم صورة سلبية في الاذهان، ”الخير يخص والشر يعم“، وبالتالي فان تسليط الضوء على تلك التصرفات، لا يستهدف النيل من تلك المهرجانات، ومحاولة افشالها، او الحط من قدرها، وانما يهدف لاعادة تشكيل تلك المهرجانات بطريقة جديدة، من اجل استبعاد كل البقع السوداء من الصحفة البيضاء، لاسيما وان النقطة السوداء تشويه الصورة الجميلة، لكافة البرامج الترفيهية، التي تقدمها المهرجانات.

الثقافة الاجتماعية الضاغطة، تشكل محركا أساسيا في إعادة برمجة، الكثير من الفعاليات في المهرجانات، خصوصا وان التصرفات المصاحبة لتلك الفعاليات، تؤثر على الصورة العامة لبعض المهرجانات، الامر الذي يفرض حسن الاختيار، وعدم التغاضي عن نوعية البرامج الترفيهية، باعتبارها جزء من منظومة المهرجانات، وبالتالي فان التحرك المسؤول يسد جميع الثغرات، ويعيد الوهج لمختلف برامج المهرجانات، نظرا لما تشكله من أهمية في الثقافة الاجتماعية، فضلا عن كونها نافذة لابراز بعض المهارات المكبوتة، سواء الفنية او الثقافية او غيرها من المهارات.

وجود الوعي الاجتماعي بالمحافظة، على منظومة القيم الأخلاقية، يقطع الطريق امام مختلف أنواع التصرفات غير المسؤولة، التي يحاول البعض استخدامها لتحقيق بعض الأغراض الشخصية، وبالتالي، فان المجتمع بما يمتلك من أدوات يضع القواعد الصارمة، لاعادة الأمور لنصابها مجددا، وعدم السماح لمختلف أنواع الممارسات، الخارجة عن المألوف، او الشاذة عن السلوك الأخلاقي.

كاتب صحفي