آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

الناقد الذاتي

أعظم رصيد تتكئ عليه في السراء والضراء بالتأكيد ليس رصيدك البنكي، لكنه وإن عجبت لما أقول، هو أنت، نعم أنت ذاتك. لذا، كن لطيفا مع هذا الكائن المرهف والحساس، واعلم أن كل ما تقوله لنفسك إما أنه يرفعها الى مقامات عُليا تسمو فيها وتتألق، أو أنه يذلها ويبتذلها ويقلل من شأنها في عينك قبل عيون الآخرين.

هل تعتقد في قرارة نفسك أنك أسوأ ناقد لذاتك، وأنك ذلك الخصم الخفي الذي لا تأخذه رأفة بقرينٍ كان من كان..؟. إذا كان هذا هو طبعك ومراسك في التعامل مع هذه النفس، فأي شيء في نظرك يبدو مغايرًا للنسق العام، لكنك تتبعه وتصر بكل جرأة وقساوة على ترجمته كرسائل شفهية وأحاديث داخلية تعمل على إيصالها، مهما بلغت التكلفة وتناهت الأثمان.

كيف تستقبل الدقائق الأولى من صباحك، ومباشرة بعد استيقاظك من نومك؟ هل تشكر الخالق أن نبّهك من نومك، ولو شاء جعله سرمدا، وهو القادر على كل شيء..؟ هل تكرم نفسك وتسدي إليها مقتطفات من الحديث الإيجابي الذي يجعل من يومك يوما استثنائيا، يحمل الخير والبركة، أو أنك تُشَغّل اسطوانتك المشروخة وتبدأ في جَلْد ذاتك يُمنة ويُسرة، ودون أن يخطر لك على بال، بأن كل فكرة تمر عليك فإنها ترسل رَسائل الى عقلك حَول رأيك في نفسك..!

جميعنا ودون استثناء، لدينا ذلك الناقد الداخلي الذي يكون مفيدا حينا فَيُبقينا مُتحمّسين تجاه أهدافنا، وأحيانا أخرى يعمل ضدنا إلى درجة كبيرة وخطيرة تقلب موازيننا فلا نعرف عالينَا من سافلنَا. يتمثل الناقد الداخلي في صورة الحديث السلبي الذي يعتري بعضنا من وقت لآخر وبأشكال عدة، ويخلق لدى الكثير منا ضغوطا نفسية تنعكس على صحة أجسامنا وعقولنا، وتدمّر حياتنا وحياة أحبَائنا.

إذا أردت الناس أن يأخذوك على محمل الجد، وأن ينتبهوا إلى ما تقوله وتعنيه، أعط نفسك ما تستحقه من الحب والثقة. إبدأ في إخبار نفسك ما تود الآخرين أن يلاحظونه عنك، وذلك من خلال حديثك وتعاملك الإيجابي مع نفسك. هذا سيجعل منك ذلك الناقد الذاتي الرحيم مع نفسه، والعادل الذي يبصر في ما يراه العالم من حوله بداية لتقييم ذاته وتقويمها لتصل إلى مراتب الكمال الإنساني.