آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

أخٌ يَرثي أخاه

سلمان العنكي

الفراق للأحياء عظةٌ وابتلاءٌ ولمن صبر أجرٌ بغير حساب... لفقد الأحبة حرارةٌ في القلب تتوقد... يكبُرُني بثلاث عايشتُه وعايشني... شاجرتُه سامحني... أغضبني أو أغضبتُه... صالحني... اختلفنا أول مجلسنا وآخره يقنعني أو يوافقني... إذا جعتُ أشبعني... وإن عطشتُ ظَمِئَ ليسقيني...؟ ما افترقنا يوماً إلا لانشغالٍ أو لسفرٍ... إنها الأخوّة، وما أدراك ما الأخوة!؟

نعم إنه أخي «عبدالله»، ما باله بعد ظهر يوم الأحد السادس من شهر رجب لعام ألف وأربعمائة وواحد وأربعين هجري، 2020/3/1 ميلادي، جفاني أين سؤالُه عني... وسروره بلقائي... وابتسامته التي لا تفارق محياه؟ أين صوتُه المجلجل حتى مِن فوق سرير مرضه يناديني...؟

وقفتُ على بابِ دارهِ متحسراً متفكراً أين صاحبُها..؟.؟ يا إلهي مالي أرى أبواب مجلسه مغلقة...؟ وقد كانت دائماً مشرعة... بين داخل وخارج...

اليوم خلت منه الدارُ أين هو؟ «ظني الأخو راح»... بينما كنت أقلب الأفكارَ فإذا بي أسمع صوتاً يخاطبني: هل لوقوفك من حاجةٍ...؟ قلتُ: أناشد الأحباب... رفيق عمري ولا إجابة...؟ قال: رحل لغير دار... ترك الأهل والاولاد وسكن تحت التراب... وأنت والكل راحل.

هذه سنة الخالق في خلقه... نعم كم والدٍ وارى وحيدَه وكم جدٍ ورث حفيدَه...؟ أين الأجدادُ والأباءُ؟ أين الأولادُ والأحفادُ؟ في صروف الدهر عبرٌ... الموتُ لا والداً يبقي ولاولداً.

مجلسه العامر تأتيه الأرحام كل يوم والأصحاب... تلتقي فيه الجيران... تُقام فيه أحزان وأفراح للأطهار من الآل الكرام .... مَن يمر بجواره يسمع مدحاً أو رثاءً «وبمشيئته تعالى بعقبه يُكتب لهذا الذكر استمرارٌ».

كان الأخ المرحوم جامعَنا من بعد أبينا وأمنا، واليوم إن اجتمعنا فمكانُه منه خاليةٌ... هذه أحوالنا وهذه دنيانا... قيل لرجل: مات أخوك، قال: انكسر ظهري الأخ ظَهرٌ وعزٌّ وسندٌ...

لقد عانى رحمه الله من الأذى انهكه المرض «أصيب بالسرطان لاكثر من سبع سنوات» حتى حان حينه... مضى إلى سبيله صابراً محتسباً ولسانه بذكر الحق متمتماً... تختلج شفتاه لمابه من ضعف وألم.. عاش مستوراً ومات موجوعاً... لوكنتُ شاعراً ياعضيدي لقلتُ فيك مايُخجل تماضر بنت عمرو «الخنساء» في رثائها لأخيها... ولكن ما أنا وذاك، فاسأله تعالى وهو أكرم من سُئل أن يؤنس وحشتَك ويرحم غربتَك وينور مضجعَك وينفعك بحبك لمحمد وآله صلوات الله وسلامه عليهم، «من مات على حبِ آل محمد ماتَ مغفوراً له»، وأن يجزيَك خيراً عن يتيمٍ آويته حتى زوجته ويضاعف لك الأجر ويشمُلَك بعفوه... ويحشرَك مع محمد وآله صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين في عليين... والخلف والأمل في ولدك الصالحين وإنا لله وإنا إليه راجعون.