آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

للنساء فقط!

يمر يومُ الثامنِ من شهرِ مارس / آذار من كلِّ عام على المرأةِ يوماً لها تحتفل فيه وتفرح بإنجازاتها. لكن أكبرَ هديةٍ يمكن أن تحصل عليها المرأة هي ”أن الجنةَ تحت قدميها“. فلا الشرائط الزهرية ولا الورود تكفي أن تكون تكريماً لها!

كلنا رأينا أولَ امرأةٍ تسهر الليلَ لننام وتجوع لنَشبع وتعرى لنلبس، هي المرأة والأم. لن توفيها الأيامُ كلها مثقالاً واحداً من الكدِّ والجهد. ليلةٌ واحدة تسهرها الأمُّ مع وليدها تفوق تعبَ سنواتٍ من العمل. هو قَدَر الأنثى أن تكونَ الأجمل وتكون رحمَ الحياة. أن تُحب وتربي وتعمل وتطبب وتبني، وتجلب الأمن والسلام. وكأنما المرأة تحت ضغوط الحياة منذ بدأ الخليقة  صنو ونظير الماسةِ الفريدة التي يشكلها ضغطُ وحرارةُ المتاعب صلبةً وشفافة في أبهى صورها وزينتها، تتعدد زواياها لتعكس النورَ والضياءَ في كلِّ نواحي الحياة. الآن المرأة هي جزءٌ من اقتصادِ الأسرة وتعليم الأسرة، وإن شئتَ قل عصب ونظام الأسرة في كثيرٍ من العوائل والمجتمعات.

حبذا لو استفادت واستلهمت هذه الأيام ومنظموهَا من مفرداتِ رسالةِ الحقوق التي خطها الإمامُ علي بن الحسين شعاراً في حقوق المرأةِ الأم والمرأة الزوجة والمرأة الرحم، فها هو يقول في حقِّ الأم:

”فحق أمك أن تعلمَ أنها حملتكَ حيث لا يحمل أحدٌ أحدا وأطعمتكَ من ثمرةِ قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، وأنها وقتكَ بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرةً بذلك فرحة موبلة محتملة لما فيه مكروهها وألمهِ وثقلهِ وغَمه، حتى دفعتها عنك يدُ القدرة وأخرجتك إلى الأرضِ فرضيتْ أن تشبعَ وتجوع هي وتكسوكَ وتعرى، وترويكَ وتظمأ، وتظلك وتضحى وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقهَا وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حرَّ الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعونِ الله وتوفيقه“.

وها هو يقرر حقَّ الزوجة:

”وأما حق رعيتكَ بملك النكاح فأن تعلمَ أن الله جعلها سكناً ومستراحاً وانساً وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد اللهَ على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمةً منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة اللهِ ويكرمها ويرفق بها، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك لها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية، فان لها حق الرحمةِ والمؤانسة، وموضعَ السكون إليها قضاء اللذة التي لا بد من قضائها وذلك عظيم ولا قوةَ إلا بالله“.

شعارُ هذا اليوم في هذه السنة هو المساواة بين الجنسين، لكنني أجزم أن الحياة تستمد روعتها من اختلافِ الشمس وحرارتها عن القمرِ وسكونه. فإن كان الليل للعشاق والراحة والسمار، فالشمس للعملِ والحركة والطاقة المنبثَة والمنتشرة في الكون، فمنذ القدم نفى المتنبي أن يكون للتذكيرِ علو على التأنيث:
وما التأنيث لاسمِ الشمسِ عيبٌ
ولا التذكير فخرٌ للهلالِ

مستشار أعلى هندسة بترول