آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

كورونا.. الزواج

محمد أحمد التاروتي *

أعطت مبادرة بعض الاسر بإلغاء حفلات الاستقبال العامة للزاوج، إشارات إيجابية بارتفاع مستوى الوعي، لدى العديد من الشرائح الاجتماعية، خصوصا وان الاخطار المحدقة بالجميع لا تفرق بين التجمعات في المساجد، او الاستقبالات العامة في المناسبات الاجتماعية، وبالتالي فان الواجب الإنساني والأخلاقي يفرض اتخاذ الاليات المناسبة، لتجاوز التحدي القائم بعد قول ”فيروس كورونا“ كلمته، في جميع الدول العالمية.

المشاركة في الافراح واجب أخلاقي، ويعكس مستوى راق من التقدير، الامر الذي يتجلى في المسارعة الاجتماعية لمشاركة اهل العريس الفرحة، بيد ان تقدير الظرف الراهن يفرض انتهاج مبدأ ”الأهم والمهم“، من خلال وضع الأولويات في المقدمة، وعدم الالتفات الى الأصوات ”النشاز“، التي تضرب بعرض الحائط مختلف الإجراءات الاحترازية، لحماية الانفس من الإصابة بعدوى فيروس كورونا.

الوعي الاجتماعي الكبير لدى المجتمع، لمواجهة التوسع الكبير لفيروس كورونا، يشكل الصخرة القوية التي يستند عليها، للانطلاق بقوه باتجاه استخدام الأساليب المختلفة، للتعامل مع الظروف الراهنة، خصوصا وان مناسبات الاعراس لا تختلف في شكلها عن التجمعات الأخرى، مما يستدعي اتخاذ القرارات الصعبة في الأوقات المصيرية، لاسيما وان الوقت الحالي لا يقبل انصاف الحلول، وانما يتطلب المصارحة والشفافية التامة، لمواجهة الامر الواقع بإرادة قوية، وقدرة كبيرة على تجاوز التحدي، باقل الخسائر البشرية.

تفهم الحالة الراهنة يقلل من ”الغصة“، التي يشعر بها العريس جراء محدودية المشاركة في فرحته، خصوصا وان العريس ينتظر بفارغ الصبر هذه الليلة، باعتبارها ليلة العمر، مما يدفعه لدعوة اكبر عدد من الناس لمشاركته فرحته الغامرة، وبالتالي فان الحفاظ على سلامة الجميع يستدعي اتخاذ مثل هذه الخطوات الضرورية، في المرحلة الصعبة التي يكابدها المجتمع بمختلف شرائحه، لاسيما وان الانتشار الكبير للفيروس يفرض اليات مختلفة عن الأوضاع الاعتيادية، انطلاقا من مبدأ ”اخر الدواء الكي“.

تشجيع هذه المبادرات في الظرف الراهن، امر في غاية الأهمية لمصلحة الجميع، لاسيما وان الاحتضان الكبير والثناء على اتخاذ هذه الخطوات الجريئة، يسهم في خلق تيار اجتماعي إيجابي للمساهمة، في تطويق انتشار فيروس كورونا في المجتمع، بالإضافة لذلك فان الاحتضان الكبير يساعد في تبني مثل هذه الأفكار الإيجابية، مما يقود الى نشر هذه الثقافة في البيئة الاجتماعية، لاسيما وان المجتمع في الازمات بحاجة الى التعاضد، والتكاتف عبر الإشادة بمثل هذه المبادرات، ومحاولة بثها بطريقة مثالية، لتاخذ طريقها في الثقافة الاجتماعية، بحيث تحقق الغايات المرجوة في نهاية المطاف.

تسليط الضوء على مبادرات الغاء الحفلات العامة في الاعراس، يدخل ضمن نشر الوعي الاجتماعي للتعاطي مع الحالات الطارئة بطريقة مختلفة تماما، لاسيما وان تجاهل هذه المبادرات لا يصب في المصلحة المشتركة، بقدر ما يمثل ”احجافا“ بالاثار الإيجابية، المترتبة على اطلاق مثل هذه المبادرات، على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وان الهدف الاسمى يتمثل في ابعاد المجتمع عن مواطن الخطر، وتقليل الإصابة بالمرض القاتل، الذي بات شبحا يهدد الصغير والكبير على حد سواء.

الغاء حفلات الزواج العامة يعطي صورة مشرقة، ويمثل اسمى معاني التضحية مقابل الحفاظ على الصحة العامة، خصوصا وان اطلاق هذه المبادرات تكشف حالة من التعاضد، والشعور بالمسؤولية الاجتماعية، بحيث يتجلى في صورة التخلي عن الفرحة العامة، والاقتصار على مراسيم مختصرة للغاية، نظرا للاخطار الكبيرة المحتملة في إقامة الحفلات العامة، كما هي العادة في الأوقات الطبيعية.

المجتمع يشكل من حاضنة كبرى، لمختلف المبادرات الإيجابية، من خلال التعاطي المسؤول، ومحاولة الشد على الايدي، عوضا من التعاطي السلبي مع المبادرات، ذات الأثر الكبير على المصلحة العامة، وبالتالي فان البيئة الاجتماعية تتحمل عبئا ثقيلا في الأوقات الصعبة، من خلال إيجاد المناخات المناسبة، لاحتضان المبادرات ذات الأثر الكبير، على الفئات الاجتماعية، ولاسيما حينما تكون ذات علاقة بالصحة العامة.

كاتب صحفي