آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

صلوا من أجلِ الكادح - يوميات مُتفائِل

ليس عبثاً الدعوة للدعاءِ والتفاؤل لأن ما حدثَ لا يزال يكبر ويتفاعل، لا تحده حدودُ دولةٍ أو قارة. والخوف أن تكونَ هزةً صحيةً عالمية  ثم تستحيل هزةً اقتصادية عالمية أكبر وأشد إيلاماً، وتليها سلسلةٌ متلاحقة من الهزاتِ المالية.

إذن، المطلوب منا أن نتفائلَ ونحتمي ونَتعافى سريعاً حتى نعودَ لأعمالنا وحياتنا الطبيعية، ويعود يعمل ويربح صاحبُ البقالة وسائق سيارة الأجرة والحافلة والحلاق وكل صاحب عملٍ يعتمد في عيشهِ على الأفرادِ والحي وما حوله من الناس. أما الفزع واللامبالاة والإحباط فسوف يطيل الأزمةَ والمعاناةَ المالية لهذا القطاع والشريحة الضعيفة.

هذه القطعة الهامة من المجتمع تعتمد في دخلها القليلِ على غيرها، تكسب رزقها كلَّ يومٍ ثم تشاركه من حولها. هي الشريحة التي كان ينتمي لها أبي، الكادّ الكادح، الذي إن كان رزقه رغداً يوماً واحداً فهو شحيحاً عدةَ أيام، يوم يشح البحرُ بالصيدِ في غيرِ موسم الفلاحة لا غداءَ ولا عشاء ولا سُفرة أكل، ولا دفاترَ وأقلام!

يجب على العالمِ بأسره أن يتفاعلَ ويتفائل، ويعمل سريعاً للخروجِ من ظلمةِ النفق قبلَ أن تطالَ الضائقةُ اقتصاده بكلِّ مكوناته. فلم يعد الاقتصاد محلياً بالمطلق حيث ما يجري في أقصى الشرقِ يظهر أثره في أقصى الغرب، ورغم كل ما يُبذل من جهدٍ هنا أو هناك، فرشح التنينِ في الصين يصيبُ العالمَ كله بالحمى!

التفاؤل هو ما سوف يعجل الخروجَ من ارتداداتِ الأزمة حين يستعيد الناسُ عافيتهم وشهيتهم للأكلِ والسفرِ والمتعة وتدور عجلاتُ الاقتصادِ والطاقة والبيع والشراء. والتفاؤل بسرعة الخروج والعمل على هذا الأساس ربما يكون الحل الوحيد قبل أن يصيبَ الركودُ اقتصادَ العالمِ بأسره، ولا يستطيع استردادَ عافيته من الأزمةِ بسهولة.

في العادة، كل أزمةٍ كبيرة يربح منها القليل ويخسر فيها الكثير. وليست هذه الأزمة استثناء، بل ربما هي من أبشعِ الأزماتِ التي مرت في العصرِ الحاضر، أو سوف تكون إن لم تتوقف عن تمددها سريعا. الخوفُ والهلع هو ما يدفع الناسَ والأسواقَ والمصانعَ نحو التشاؤم واتخاذ القراراتِ المستعجلة من أجلِ إنقاذ اقتصادها وبقائها تعمل وبالتالي ترتد سلباً على الإنسانِ أينما كان في المدى القريب والبعيد.

عندما تصاب رئاتُ العالم الاقتصادية مثل الصينِ والولايات المتحده الامريكيه وأوربا بالتهابٍ اقتصادي حتماً سوف يصعب تنفس بقية دولِ العالم. فمن ينظر اليوم حوله لن يرى سوى ”صُنع في الصين“   كُتبت تقريباً على كلِّ شيء صغر أم كبر، فمتى ما تباطأت هذه العجلة الانتاجية الضخمة فأول ضحاياها سيكون ذوي المناعةِ الاقتصاديةِ الضعيفة من أفرادٍ وشركات.

ما قد يغيب عن فكرنا أن عملياتِ احتواء هذه الأزمة الصحية سوف يكون بتضحياتٍ اقتصادية ضخمة تتمثل في عزلِ الدولِ عن بعضها البعض واعتلال موازين تبادلها التجاري، ومهما كان من تضحياتٍ فلا بُدَّ للناسِ حول العالم أن يشعروا بارتدادتهَا الرهيبة ولو بعد حين، حالما تهدأ مشاعر الخوفِ والقلق من كونها أزمةً صحية ثم تستحيل أزمةً اقتصادية.

مستشار أعلى هندسة بترول