آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

في مواجهة كورونا.. ”جهينة الأخبارية“ في قلب ”القطيف المركزي“

جهات الإخبارية حسين العلق - القطيف

في الثاني من شهر مارس الجاري اهتز الرأي العام السعودي مع إعلان الجهات الصحية عن اكتشاف أول إصابة بفيروس كورونا في المملكة، في مستشفى القطيف المركزي على وجه التحديد.

ما قبل الإعلان الصاعق كان الجميع يتابع أخبار كورونا من خلف الحدود، عبر وكالات الأنباء وما تنقله الشاشات التلفزيونية من تزايد يومي في عدد الإصابات، وتصاعد في أرقام الضحايا على مدار الساعة، في الصين، حيث بؤرة الفيروس، وإيطاليا وايران وغيرها.

الكادر الطبي بمستشفى القطيف المركزي

بين عشية وضحاها، أصبحت محافظة القطيف، ومستشفاها المركزي في قلب العاصفة، وحديث الساعة بلا منازع، ومادة لسيل من التقارير الأخبارية، وفيض من النقاشات المحمومة عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي التي لم يخلُ بعضها من حدة وتشنج.. وتجاوز!

فريق ”جهينة الأخبارية“ وعدد من الإعلاميين اختار الوقوف في عين المكان.. في قلب مستشفى القطيف المركزي، لمعاينة الجيش الحقيقي والجنود المجهولين والأبطال الفعليين، الذين اكتشفوا أول طلائع الفيروس الغادر في المنطقة، ومازالوا يقفون سدًّا منيعا أمام تفشيه في المملكة.

حقيقة الأمر، لم يكن الخروج من العزل الاختياري والذهاب في جولة داخل المستشفى قرارًا سهلًا بالنسبة لفريق ”جهينة الأخبارية“، لاسيما مع تصاعد حالة القلق التي تجتاح أغلب الناس على المستوى المحلي والعالمي على حد سواء.

غير أن هاجس القلق سريعًا ما تبدَّد والصورة قد تغيَّرت، ما إن وضعنا أقدامنا عند أول عتبات المستشفى.

هناك على بعد أربع خطوات داخل المبنى، يلتزم المراجعون بالوقوف عند أول نقطة استقبال مستحدثة، قوامها طاقم طبي، قيل لنا إنه من خيرة الكفاءات التمريضية في المستشفى، وغرضه إجراء فرز أولي للمراجعين.

الكادر الطبي بمستشفى القطيف المركزييستقبل هذا الفريق كل مراجع بقائمة من الأسئلة الطبية المعدة سلفًا، لتحديد الأعراض الصحية التي يعاني منها، وما إذا كان قادمًا من منطقة موبوءة، أو مخالطًا لأحد قادم من هناك، ومن ثَمَّ يجري تحديد المسار العلاجي له.

نقطة الاستقبال المستحدثة هذه في القطيف المركزي، هي نفسها التي يعود لها الفضل في اكتشاف أول حالة مصابة بكورونا في المملكة.

يروي الطاقم الطبي لجهينة الأخبارية أحداث ذلك اليوم، الذي يمكن وصفه بالمفصلي في تاريخنا المحلي؛ فقد دخل المريض «ح. ص» مساءً واستقبله الطاقم التمريضي عند نقطة الاستقبال المستحدثة تلك، وسرعان ما تبين لهم ما أصبح فيما بعد خبر الساعة: السعودية تعلن عن اكتشاف أول إصابة بفيروس كورونا.

يقول العارفون بالمستشفى إن سلسلة الإجراءات تلك لم تأتِ بمحض الصدفة، وإنما هي ثمرة تخطيط من الإدارة الطبية في المستشفى منذ أواخر 2019 مع تنامي حالة القلق العالمي في الأوساط الطبية حيال وباء كورونا.

وتضمنت الخطط الموضوعة إغلاق جميع بوابات المستشفى باستثناء ثلاث: واحدة للمراجعين العاديين وأخرى لقسم الإسعاف والثالثة مخصصة لدخول الحالات المصابة بفيروس كورونا فقط، ولها مسار منفصل تمامًا عن باقي الأقسام.

فريق جهينة لم يكن استثناءً، فقد مَرَّ الجميع بذات الإجراءات الأولى، حتى أن أحدنا، وبمجرد أن صرح عن معاناته من التهاب خفيف في الحلق، لم يتردَّد الفريق الطبي في أخذه للمسار المخصص لأخذ العينات بغرض التأكد.

الكادر الطبي بمستشفى القطيف المركزيضمن مسار جولتنا الفريدة كنا محظوظين بلقاء العشرات من أفراد الطاقم الطبي وكوادر التمريض والموظفين وصولًا للعاملين العاديين، وكان الجميع في حركة دائبة كخلية نحل لا تهدأ أبدًا.

والمفارقة العجيبة، وعلى عكس ما يتصور كثيرون، فإن هؤلاء الشابات والشباب من الطاقم الطبي والتمريضي، هؤلاء المقاتلون الحقيقيون على جبهة الدفاع عن أمننا الصحي، لم يجد العبوس إلى وجوههم طريقًا، بل كانت الابتسامة الدائمة ترتسم على وجوههم، مع علمهم بأنهم يخوضون معركة مصيرية في سبيل أهلهم ووطنهم.

ولعل أبرز ما لفت أنظارنا هو لحظة دخول المدير الطبي بالمستشفى الدكتور زكي الزاهر إلى البهو الرئيسي وهو يحيي جميع الكوادر الطبية العاملة، ولم يكن يتردَّد في رفع معنوياتهم والإشادة بعملهم، وعلى مسمع منا كان يخاطبهم بأنكم أنتم الأبطال الحقيقيون في مواجهة الوباء.

ونحن بانتظار خروج زميلنا الذي دخل الغرفة الرئيسية لأخذ عينة للفحص، صادف أن كنا شهودًا على موقف إنساني لا تخطئه العين وبطله الدكتور الزاهر نفسه.

شابة تقف في الممر على باب الغرفة وأمارات القلق على وجهها، فسألها الدكتور الزاهر عن سبب وقوفها في هذا المكان، فلم تتمالك نفسها ولتهطل الدموع من خلف نقابها، وهي بالكاد تخفي نشيجها على والدتها المشتبه بإصابتها بالفيروس.

تلقائيًا، وبحنان أبوي خاطب الدكتور الشابة وهدَّأ من روعها طالبًا منها الجلوس على كرسي قريب ريثما يذهب للوقوف على حالة والدتها ويعود لطمأنتها، وهو ما حدث بالفعل.

هؤلاء الشابات والشبان الشجعان من أفراد الكادر الطبي في المستشفى، وهم بالعشرات، كانوا إلى جانب ذلك على قدر كبير من الانضباط وتنفيذ الأوامر بحذافيرها.

كادر طبي

إلا أن جميع ما سبق في كفة، وما رأيناه لاحقًا في كفة أخرى، فقد صادف خروجنا من المستشفى، قدوم سيارتَي إسعاف تحمل عددًا من المصابين بالفيروس قادمين من الحجر الصحي.

ولعل ذلك المشهد المؤلم جاء ليذكرنا بالحقيقة المرة التي تقول للجميع: انتبهوا مازلنا في قلب المعركة مع هذا الوباء الخطر؛ فالحذر واجب حتى لو كنا نملك كوكبة من الأبطال الشجعان في مواجهته من أمثال الكادر الطبي في مستشفى القطيف المركزي وغيره من المستشفيات.

حفظ الله أهلنا ووطننا من كل سوء.






 

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 5
1
قطيفي
[ NightOwl ]: 19 / 3 / 2020م - 12:50 م
تقرير جميل وكتابة متقنة?
2
علي
[ القطيف ]: 19 / 3 / 2020م - 1:12 م
من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق
مافيه شي يوصف شعور الفرح بهالمستشفى مع كثر الكلام بين مؤيد ومعارض لعمل المستشفى ولكن انا بعيد عن كل هذا النقاش اشكركم وليس بغريب عنكم يكفيني شغلكم المتفاني ودائما تسدون النقص بجهودكم العظيمه
واشكركم ايضا لانكم من كشف عن حاله سرطان لزوجتي
شكرا مره
3
حسن
[ القطيف ]: 19 / 3 / 2020م - 3:28 م
تحية من أعماق القلب الى كل الجنود المجهولين الدين يواجهون دلك العدو الوبائي نيابة عنا وعن كل فرد من أفراد وطننا الغالي
4
محمد
[ المشاري.. جزيرة تاروت ]: 19 / 3 / 2020م - 6:00 م
تحية تقدير و اعتزاز لكوادرنا الطبية،،،
.
.
ألف، ألف شكر من الأعماق.
5
هديب بن حرحد
[ المملكة العربية السعودية ]: 20 / 3 / 2020م - 8:56 ص
تقرير جميل وكتابة رشيقه ومهنية عاليه