آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

كورونا.. الاستغلال

محمد أحمد التاروتي *

كشفت ازمة كورونا معادن الرجال، فيما يتعلق بالتعاطي مع المرحلة الصعبة، ففي الوقت الذي يقدم فيه الرجال المخلصون اسمى معاني التضحية والفداء، من خلال الاعمال الجليلة ومواصلة ساعات الليل بالنهار، في سبيل الانتصار على الفيروس القاتل، فان الازمة اماطت اللثام على فئة ذات أغراض ضيقة للغاية، مما يدفعها لانتهاج اليات رخيصة لزيادة حصيلة الأرباح، على حساب عذابات الاخرين، خصوصا وان هذه الشريحة تحاول استغلال ”الشهرة“ في سبيل بث ممارسة خاطئة، وزرع ثقافة مدمرة في الوسط الاجتماعي، الامر الذي يجعلها بذرة فاسدة في المناخ الاجتماعي.

حملت الأيام الماضية بعض الممارسات الاستفزازية، مما احدث صدمة كبرى في الوسط الاجتماعي، خصوصا وان الاثار المترتبة على تلك الممارسات لا تقتصر على الاطار الضيق، وانما تمثل خطورة كبرى على العديد من الشرائح الاجتماعية، لاسيما وان تلك الممارسات انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، الامر الذي أصاب الصغير والكبير بدهشة كبرى، نظرا للتداعيات السلبية الناجمة عن تقليد تلك الممارسات، غير المسؤولة على الاطلاق.

استغلال الشهرة بالطريقة الخاطئة في الظرف الراهن، يشكل خطورة كبرى، ويقضي على الجهود الكبيرة المبذولة، لبث الوعي في الوسط الاجتماعي، لاسيما وان البعض ينطلق من زاوية ضيقة للغاية في الاقدام على مثل الممارسات الخطرة، الامر الذي يكشف ضحالة التفكير وعدم تقدير الموقف بالشكل السليم، مما ينعكس على طريقة التعاطي مع الازمة بالالية المناسبة، نظرا لعدم القدرة على التفريق بين المصالح الشخصية والغايات الاجتماعية، وبالتالي فان الشهرة ليست مقياسا على امتلاك الوعي الكافي، بمختلف القضايا الحساسة والهامة، مما يجعله فريسة سهلة لاغراء الاطراء، على حساب المصالح الكبرى.

الموقف الرافض لتلك الممارسات، يمثل احد الطرق لايقاف مثل هذه الانتهاكات بحق المجتمع، فالسكوت يمثل رسالة مشجعة لاقدام على انتهاكات جديدة، مما يشكل اختراقا كبيرا للمنظومة الثقافية السائدة في البيئة الاجتماعية، خصوصا وان كل عمل شاذ يترك اثرا في الفضاء الثقافي، سواء كان صغير او كبيرا، بحيث تظهر اثاره بطريقة مباشرة اوغير مباشرة، في المدى القريب او البعيد، مما يتطلب موقفا جماعيا لتصحيح الاعوجاج بطريقة واضحة، بهدف وضع النقاط على الحروف بخصوص تلك الممارسات غير الصحية، التي يحاول ”المشاهير“ تمريرها بطريقة خاطئة، انطلاقا من الموقع الذي يحتله في الفضاء الافتراضي ”وسائل التواصل“.

الخشية من تنامي ظاهر الاستغلال الخاطئ لازمة كورونا، مبررة وغير مبالغ فيها على الاطلاق، خصوصا في ظل الانفتاح الكبير حاليا، بحيث يدفع البعض للاستفادة من المساحة الكبيرة بطريقة غير مسؤولة، لاسيما وان الشخص بات قادرا على الوصول الى العالم في غضون ثواني قليلة، مما يفرض استخدام التقنية الجديدة بشكل واعي، بعيدا عن المصالح الضيقة، باعتبارها خطرا كبيرا على التفكير الاجتماعي، وبالتالي فان المخاوف من سيطرة ”المشاهير“ على المشهد العام، ينسف جميع الجهود المبذولة، لبث الثقافة الواعية في الوسط الاجتماعي.

استخدام الاطار القانوني في ملاحقة التصرفات الخاطئة، يشكل رادعا قويا في إيقاف مثل هذه الممارسات، فالنظام قادر على وضع الجميع على مسافة واحدة، مما يسهم في إرساء قواعد ضابطة، لايقاعات بعض الممارسات غير المسؤولة، من لدن بعض ”المشاهير“، فالبعض لا يكترث للضمير الاجتماعي، او يستجيب للنداءات الصادقة، ولكنه يرضخ صاغرا لصوت القانون، وبالتالي فان استخدام الأطر التشريعية يساعد في وضع الأمور في النصاب الصحيح، والقضاء على التجاوزات غير المبررة على الاطلاق.

التعويل على النظام في ردع التصرفات الصادمة، لا يعني التخلي على المسؤولية تجاه المجتمع، فكل شخص قادر على احداث تموجات لايقاف تلك الممارسات، من خلال استخدام الوسائل المتاحة في ظل تعدد وسائل التواصل الاجتماعي حاليا، وبالتالي فان الفرد يشكل حلقة أساسية في دعم الجهود الكبيرة المبذولة، من مختلف القطاعات الاجتماعية لمحاربة وباء كورونا.

كاتب صحفي