آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

الأمل في زمن الكورونا

عباس سالم

لم أرى زمنًا تساوى فيه الناس كالذي أراه اليوم في زمن الكورونا! فهو لم يفرق بين فقير وغني أو بين عربي وأعجمي، وجعل الأغنياء القادرين على دفع تكلفة علاجهم الروتينية في المستشفيات الخارجية متساوياً مع غير القادرين على دفع تكلفة علاج المستشفيات الخاصة في بلدانهم..!!

قبل أيام كانت الحياة عادية وكنا نشاهد الأخبار من على شاشات التلفزيون التي تبثها لنا مختلف الفضائيات، وترسل لنا صوراً للحروب والمجاعات والكوارث البشرية والطبيعية مسترسلة حتى تطبع معها الإنسان، وكانت كل صور الدمار والضحايا من البشر منظراً عادياً مادامت هي بعيدة عنه والضحايا ليسوا بأحبابه وأقربائه.

يقول الخبراء في الطب أن فيروس كورونا سيبقى معنا لعدة شهور، وآخرين يرددون أن شهور الصيف ستقلل من حدته كثيرًا أو تقضي عليه، والبعض يذهب بأن فيروس كورونا متحور ومستجد لفيروسات سابقة عرفها العالم مثل سارس ومتلازمة الشرق الأوسط وغيرها، والبعض يقول إن الفيروس يصيب كبار السن وقليلي المناعة فقط، وينفي آخرون ذلك ويؤكدون أنه يصيب الجميع بلا استثناء حتى الأطفال لم تسلم من شره، وكذلك العبادات اليومية التي يتفنن فيها المؤمنين بمناجاة الله تعالى دخلها الفيروس اللعين وفرق جمعهم..!!

ليس لفيروس كورونا فضائل على البشر فهو يحصد ضحايا بالمئات يوميا في كل أنحاء العالم، فأغلق مدناً ومطارات، وترك الخوف في كل دول العالم وأضر باقتصادها، وأغلق دور العبادة، لكن في مجتمعنا ظهرت له فضائل عندما أمرة الدولة رعاها الله تعالى بفرض حضر للتجول من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة السادسة صباحاً ضمن التدابير الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، ونتمنى أن تظل معه بعد إنتهاء الأزمة وهي: أن الشارع استرد صورته الطبيعية كل يوم بعد السابعة مساء، حيث تتجول فيه فلا تجد عمالة أجنبية تحتل الأرصفة، ولا أصواتًا صاخبة بل حياة بلا إشغالات، وهنًا أسأل: لماذا لا تكون الحياة هكذا؟ إنها أجمل.

فيروس كورونا نهض بالذات الإنسانية في المجتمع، فبادرت الجمعيات الخيرية في مجتمعنا بدعم عاجل للفقراء المتضررين من أزمة كورونا، وقامت بعمل مسمى لجان تعمل تحت مظلتها لدعمهم ودعتهم لتسجيل بياناتهم للحصول على الاعانة، لقد عَتَت البشرية عن أمر ربها وشاع الظلم بين الناس ولا أحد ينتصف للمساكين والمظاليم، ولآن أدركنا أن نتعاون وأن ندرك أن أماننا الشخصي أوهى من خيط العنكبوت، وهذا أفضل وقت لمراجعة أنفسنا والعودة إلى الله تعالى.

القرارات المهمة التي اتخذتها الدولة رعاها الله تعالى تصب بلا شك في صالح الوطن والمواطن، وعلى رأسها قرار حضر التجول لساعات محددة مع استثناء حالات الضرورة القصوى المسموح بها، وهذا يأتي ضمن تعليمات الصحة العالمية بأن الوقاية الفاعلة والمتوافرة من عدوى فيروس كورونا حتى الآن تتركز في منع التجمعات والمخالطة، والأمل معقود على وعي الناس في هذا الوطن الغالي وقوة إرادتهم في مواجهة التحديات والمحن.

ختاماً لا تصافحني يا صديقي إلا بعد اكتشاف المصل لهذا الوباء، دعنا نلتزم الحجر في منازلنا ونعيد عشقنا لقراءة القرآن الكريم، دعنا ندخل إلى منازلنا ونتفقد أحوال رعيتنا في كل مساء، دعنا نجلس في منازلنا لنجد الوقت الكثير لنتضرع لخالقنا ومناجاته في صلاة الليل، دعنا نجلس في منازلنا لنتذكر حياة الآباء والأجداد في الزمن الجميل، وربما جاءنا الكورونا ليعيد الأمل لتوحيد الإنسانية في هذا العالم بعد أن بعثرتها المادة، فما أجمل الأمل في زمن الكورونا.