آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

روح العنفوان والقوة

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

تشاهد فيديوهات لمواطنين يتحدثون بفخر واعتزاز عن مملكتهم، كان هنالك احتمال أن تتقطع بهم السبل، أو يواجهون وعورة الطريق وحدهم، إلا أن ما قامت به وزارة الخارجية السعودية، عبر سفاراتها وقنصلياتها، كان عملا مهنيا، يستحق الإشادة والاحترام.

في حديث لي مع صديق دبلوماسي، تمرس في المهنة في أكثر من موقع، أخبرني أن هنالك توجيهات واضحة وصريحة، بضرورة أن تتحمل كل قنصلية وسفارة مسؤولية المواطنين المتواجدين في المدن التي تقع فيها هذه البعثات الدبلوماسية.

الصديق الذي عهدته صادقا، صريحا في آرائه ومواقفه أثناء نقاشاتي معه، تلمست لديه تواضعا، وتفانيا، تجاه ما يقوم به، عمل بعيدا عن الأضواء، وقال: «خدمة المواطن السعودي شرف لي»!

هذا النوع من السلوك العملي، الذي يروم مصلحة المواطنين، ويعتبر أن وظيفته هي خدمتهم وتأمين حياة كريمة لهم، دون منة أو تكبر، هو الأسلوب الذي من خلاله تتم بناء علاقة سليمة بين المواطنين والأجهزة الحكومية، فهو فضلا عن كونه مؤسسا على قاعدة أخلاقية، يساهم أيضا في ترسيخ الترابط بين الدولة ككيان، والشعب.

أكثر من قصة استمعت لها، من بعض الزملاء والأقارب، روت لي تجارب إيجابية متشابة، ولمست لديهم رغبة في الحديث عنها، دون أن أطلب منهم شخصيا سماع ذلك؛ لأنهم كانوا يعبرون بفرح عما يخالج صدورهم، كون أحبائهم في أماكن آمنة، وإن كانوا بعيدين عنهم.

منصة «تويتر» امتلأت أيضا بفيديوهات عدة، ارتفع فيها صوت النشيد الوطني السعودي، الذي تردد من نوافذ المنازل والأسطح.. تلك الأصوات تنبئ عن روح معنوية عالية، وعن وطنية عابرة لأسوار البيوت وأبوابها المغلقة.

ليست مشاهد تمثيلية تلك. فزمن كورونا هو مشهد للحقيقة، والصدق، والصراحة، بعيدا عن المجاملات والمديح الممجوج والكذب البارد، ولذا، كان الناس صادقين فيما صدحوا به.

روح «السعودية الجديدة» تريد للمركب أن يعبر بسلام، أن يعود الناس إلى حياتهم الطبيعية، يمارسون فرحهم وحزنهم، رضاهم وغضبهم، نجاحاتهم وخيباتهم؛ والأهم أنهم الآن على قلب «وطن» واحد.

هنالك بعض الأصوات تغرد خارج السرب، تبث أحقادا طائفية ومناطقية وعنصرية، هذه الأصوات ستنكسر، والقانون سيحاسبها، كما أنها لا يمكنها أن تستمر أمام قوة هذه الروح الوطنية الممتدة من القطيف، إلى الخبر، وبريدة، والرياض، وحائل، وأبها، وجدة، ومكة، وجميع مدن وقرى المملكة.

هي روح ستكون رافعة لبناء المستقبل عندما ينحسر وباء كورونا، وستواصل مسيرتها ضمن رؤية 2030، التي لن يزيد السعوديون ما مروا به من مصاعب، إلا إيمانا بها، وثباتا على تحقيق حلمهم.

الوباء زائل، والسعوديون باقون في أرضهم. ولذا، مزيدا من الصبر والقوة والحكمة والبعد عن الوساوس القاتلة، وأيضا مزيدا من التضامن ومساعدة المحتاجين، والوقوف مع الأسر الضعيفة وذوي الدخل المحدود، لكي ننجو جميعنا ولا ندع أيا من أحبابنا يغرق بحزن وحده!