آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 1:42 ص

مَن المسؤول عن إشاعاتنا؟

سلمان العنكي

ديننا الحنيف يحرم البهتان والغيبة والنميمة والكذب. نظام الحكم في مملكتنا يعاقب على إثارة الطائفية والمذهبية والنيل من الوحدة الوطنية.

القوانين في بلدنا وسائر بلاد العالم تجرم التزوير والتزييف والاشاعة وتصنفها جرائم معلوماتية. الاخلاق والانسانية تنهي أن نقول في غيرنا ما لانرضاه فينا.

ابتعدنا عن تعاليم الدين وتركناها وراء ظهورنا، نطالب بالقوانين وتطبيقها ونخالفها، نتكلم عن محاسن الأخلاق ولا نعمل بها. اذاً نحن ”المسؤولون“ عن إظهار الاشاعات وتفشيها وتغييب الحقائق وتبديلها. العيب فينا لا في سوانا.

كنا في أيام مستقرة أو مفعمة بالجراح كحالنا الآن وما يتعرض له العالم من ”وباء الكورونا“ يعتري الجميع الخوف من هذا الداء. اعمال معطلة، اسواق مقفلة، تقطعت السبل بين المدن والدول، دور العبادة أُغلقت، الطرقات خلت، لامجالسة لامصافحة، في كل بيت نادب ونائحة، كم مصاب بعيد عن اهله، كم حبيس بيته ضاق عيشه.

نحن في مواقع تواصلنا الاجتماعية بدلا من مواساتهم وتبديد الخوف عنهم نتداول اكاذيب ونبث إشاعات تنشر الذعر بينهم من حيث لانعلم أو نتعمدها دون احساس بمشاعرهم لنتفرج كيف هم فاعلون.

كأنما أُعطينا ضماناً ما أصاب غيرنا لا يصل الينا، مَن يكتب تغريدة مزاجية بيده كذباً أو ينسبها إلى آخر قد تكون جهة رسمية تصل من الوقاحة أن يوسمها أنها مرسوم ملكي دون خجل أو استحياء من الدولة بصيغة تقلل من هيبتها او فتاوى شرعية محرفة أو لا أساس لها.

وصل الأمر بضعاف النفوس تداول أحاديث نبوية مكذوبة أو مزاد عليها ومنقوص منها مقاطع مبتورة أو مفبركة خلافاً للمقصود. يرسلها وما أسرع تداولها كنار في هشيم وإن علم فيها تجريمه لا يبالي إن تعدت لضرر مجتمعه.

وكلما كُرر نهيُه عنها لاحياة لمن تنادي. هذه تعاليم الدين؟ أنت دنست تعاليمه، هذه اخلاق مجتمعك؟ انت عارٍ منها خالفت القوانين التي تنادي بها، كذبت وقذفت وزورت وغششت ارتكبت عدة جرائم في جريمة واحدة دون حاجة أو فائدة.

تعرض نفسك ومن تبعك للمساءلة إن انكشف أمركم ”لسانك حصانك فلا يكبو بك فتُكسر عظامُك، يدك تحمل قلمك لاتقطع به اناملك“.

إلى متى نتساهل بهذه الأمور؟ إلى متى نتصاغر أمام جهلنا؟ إلى متى لانبالي بغيرنا؟ إلى متى نتاجر بضمائرنا؟ الاشاعة ”تمزق اسراً مترابطة، تخرب بيوتاً عامرة“.

علينا شرعاً وقانوناً واخلاقاً أن نتحرى الدقة فيما نتداوله نمرره على عقولنا قبل أن نقدمه لغيرنا. جاءتني رسالة أخبارية أو سواها أو مقطع مسموع أو مرئي لابد التأكد من صحته ان كان له رابطاً صحيحاً يؤيده. وبدونه مجرد كتابة ارفضها لا يكفي ان فلانا مَن ارسلها ليس هو بنبي.

اليوم أمامنا شبكة عنكبوتيه يمكننا الرجوع إليها ببساطة يتضح لنا امرها دون عناء أو ننتظر حتى تصرح بها جهتها الرسمية أومُصدرها، ترسل كل ما وصلك، تسخّف عقلك وتستخف بعقول مَن حولك.

دخلت بستاناً أينعت ثماره مختلفة الاصناف تفتحت أزهاره متنوعة الروائح تأكل احلاها وتشم ازكاها ترتاح نفساً ويُسر ملاقيك. ابتعد عن حظيرته لا يصيبك نتن ريحها فيسلك مُواجهك غير طريقه ولاتعبث بطيبات ماحواه انه نقصان عقل فيك، تعامل مع مايصلك من معلومات كتعاملك هذا.

رأيت في مطعم مئات الاصناف معروضة من طعام وشراب مالذ منها وطاب تختار مايناسب صحتك وينفعك، تبتعد عن بعضه لجهلك بمكوناته أو لعلمك بضرره، كذا مايصلك من معلومات هي غذاء فكري. تجهل مصدره أو بدونه أو تعلم ضرره.

اترك هذه وتلك وخذ مايصلح ويناسب فكرك واترك ما يضر منها. كثرت في أيام محنتنا هذه مقاطع وتغريدات التزوير والعبارات الساخرة والاكاذيب والتخويف والاشاعات وتكررت ولو سألت مرسلها رده إما مزاحاً، فكاهة، أو كما وصلني أو أعرف مرسلها. هذا منطق الجهلاء المفلسين هذا لايعفيك من الجرم، انت بعت عقلك لهواء نفسك وقللت من قيمتك، آذيت الكثير، عزفت اوتاراً على أرواح مصابة قرعت الطبول والخلق في امر مهول .

رضيت لنفسك ان تكون محلاً للاستهزاء؟ وان كنت غير راضٍ الاولى تركها. مواقع التواصل أُنشِئت لتنمي عقلك وفكرك بالصحيح المفيد. توصل لك المعلومة بسهولة وتريحك من بذل جهد واتعاب. هذه المواقع تصنع منك عالِماً مثقفاً ان تعاملت بصدق فلا تغير مسارها وتجعلك جاهلاً وضيعاً.

نحن اليوم في مصاب عالمي نتحد لنساعد مُن أُصيب لا لنزيد آلامه. في الاحوال الاجتماعية والوحدة الوطنية علينا جمع المتفرق لاتفريق المجتمع بأستهداف المبادىء ظلماً وتحريضاً. نُشغل الدولة بما نحن اولى بتركه في غير وقتنا هذه كيف بها الآن؟

هي تبذل جهوداً حثيثةً حتى لايصل اليك اذى كما وصل لغيرك اين حبك لنفسك ووطنك ومجتمعك؟ علينا ان نشابك بين ايدينا ونثبت اتحادنا لنقهر عدونا، نترك الاشاعات وترويجها، نتأكد من صحة مانشارك به مالايصح مصدره اولا يُعقل نقله وان صح، نبعده عن ساحتنا لتصل الحقيقة رسالة حب ووفاء.

لازالت بلدنا بخير مابذلته الدولة من حكمة وحنكة ارست سفينة تحملنا الى شاطىء الامان نحافظ على هذه الانجازات لا نصوب سهامنا الحاقدة إليها فتغرق بمن فيها ونكون هدمنا مابناه الكرام لنا.