آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

روسيا والـ 100 مليار دولار

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

حصة السعودية وروسيا من السوق النفطية، في حدود 12 13 في المائة. قبل ما يزيد قليلا على أربعة أعوام توصلت السعودية مع روسيا إلى تفاهم مبدئي لخفض الإنتاج، كان جزءا من توجه سعودي أن إدارة العرض كي تنجح تتطلب أن تشارك فيها بقية الدول المنتجة من داخل ”أوبك +“ وخارجها. بدأ العمل في بداية عام 2017 واستمر حتى الشهر الماضي، عندما قررت روسيا أنها لن تلتزم بالتخفيضات. في أول عامين من الاتفاق حصدت روسيا 120 مليار دولار.

وبالنظر إلى الطلب المتقلص على النفط، فهناك حاجة إلى بيان نقطتين: الأولى أن مستوى روسيا في الالتزام بالتخفيضات في عام 2019 لم يكن متسقا مع التزاماتها، فأصبح التزامها حبرا على ورق، لعله يوازي 25 في المائة من المطلوب. والأخرى، يبدو أن منتجي النفط الروس نسوا أن السوق النفطية عانت على مدى يقارب عامين بين 2014 وبداية 2016 فترة انهارت فيها أسعار النفط نتيجة ليس لضعف الطلب، بل للفائض الكبير في العرض، وكانت المعالجة التقليدية هي أن تتحمل ”أوبك +“، وبالأخص السعودية، نصيب الأسد من التضحية بأن تخفض إنتاجها كي تتوازن السوق. لكن المطالبة أصبحت واضحة في عام 2014 أكثر من أي وقت مضى، بعد أن انهارت أسعار النفط لنحو 20 دولارا، لأهمية أن تخفض روسيا إنتاجها، وقاومت روسيا ذلك حتى شباط «فبراير» 2016، وكانت تعطي تبريرات منها أنه ليس بإمكانها الحد من إنتاجها لأسباب فنية. وليس بوسع أحد إنكار، وفي المقدمة الروس، أن التوصل إلى اتفاق ”أوبك +“ قد حقق مكاسب مليارية للدول المشاركة، وبالتأكيد حققت روسيا مكاسب فاقت ال100 مليار دولار بكثير.

وهكذا، يبدو واضحا أن استراتيجية روسيا الخروج من اتفاق ”أوبك +“ لن يكون عمليا أبدا، هذه المرة، لسبب أساس وهو أن إدارة العرض إما أن تكون مشتركة أو لن تكون، بمعنى أن تسهم روسيا في التخفيضات مساهمة تتماشى مع كمية إنتاجها الهائل أو لن يكون إنصافا أن تخفض بلدان للتعامل مع ضعف الطلب وتداعيات جائحة كورونا، لتأتي روسيا لتعبئة أي نقص بزيادة إنتاجها! فالتخفيضات الهدف منها أن تسهم في استقرار السوق العالمية وليس أن يستفيد منها بلد منتج. وبكلمة، فما يمكن استقراؤه من التوجه السعودي هو أن استقرار السوق مسؤولية مشتركة للمنتجين والمستهلكين، وأن إدارة العرض هي مسؤولية مشتركة للمنتجين داخل ”أوبك +“ وخارجها، وباعتبار حجم إنتاجها تأتي روسيا في المقدمة، أو ينبغي ذلك.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى