في الحجر... كيف يسيطر أهالي الشقق الضيقة على أطفالهم
يشتكي عدد من الأسر بأن أطفالهم الذكور يتمتعون بطاقة هائلة وفرط في النشاط والحركة متسائلين عن مدى إمكانية السيطرة عليهم داخل مسكن أو شقة مساحتها ضيقة في ظل ازمة كورونا وظروف الحجر الصحي.
ويشكل هذا الأمر تحديا للأهل في كيفة التعامل مع هؤلاء الأطفال حيث تبدي بعض الأمهات معاناة في مقاومة بعض السلوكيات الاندفاعية غير المتوقعة كرمي الأشياء وضرب الأخوة والعبث بأثاث المنزل.
واشتكت سلمى صادق بأنها برغم محاولاتها الحثيثة للسيطرة على ابنها ذو الخمس سنوات إلا أنها غالبا ما تشعر بجهد شديد في سبيل الوصول لتهدئته فهو يقوم عادة بالركض والقفز والصراخ والعبث داخل الشقة التي لا تستوعب كل هذه الحركات مما يشكل نوعا من عدم السكينة والراحة داخل شقتها الصغيرة نتيجة النشاط الزائد وبلا هوادة.
وعدت الاخصائية الاجتماعية وفاء التاروتي هذه الأزمة بأنها رحلة تحدي صعبة خاصة بالنسبة لفئة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات كما أن فرط النشاط يصنف أحيانا كأحد الاضطرابات حتى في الظروف العادية.
وقالت التاروتي ”إن بعض الأمهات تشتكي من حركة ابنها الزائدة وعند تقييمه يتضح أن حركته في الحدود الطبيعية“.
وأشارت إلى أن بعض الأسر تكون رحابة صدورهم تجاه أطفالهم ضيقة بسبب ضيق المنزل وذلك لعدم وجود أماكن مناسبة ينفس الأطفال فيها عن نشاطهم الطبيعي.
وأكدت على ضرورة الاستشارة الطبية فيما يتعلق بالأطفال المصابين بفرط حركة وتزويد الأهل ببرامج سلوكية وتوجيهية للحركة الزائدة وما يصاحبها من سلوك عدواني بعض الأحيان.
ودعت لأهمية التفريغ الحركي للتوتر لهؤلاء الأطفال خصوصا قاطني المساكن الضيقة عن طريق القيام بالأنشطة الرياضية للمساحات الضيقة فمثلا بإمكان الآباء القيام ببعض الأنشطة الرياضية التي تسمح بها مساحات سكنهم ويقوم بها الأب أولا في محاولة لإجبار الطفل على تقليده من أجل تفريغ جزء من هذا التوتر الحركي.
ولفتت بأننا عادة نعمد إلى إشغال الطفل المصاب بفرط الحركة كظرف استثنائي بالرغم من أنها عملية صعبة فمن الممكن أن يتدرب الطفل على بعض البرامج الموجودة على برامج التواصل الاجتماعي وعلى صفحات الانترنت أو التعلم بالنمذجة وإشغاله بأنشطة تتناسب مع هؤلاء الأطفال.
وأوضحت التاروتي بأن أساليب التعامل مع الأطفال تختلف من طفل لآخر تبعا لنمط شخصيته فبعضهم ميالون إلى التأمل وبعضهم ميالون لقلة السلوك الاجتماعي والرغبة بالعزلة وآخرون ميالون إلى النشاطات الاجتماعية بكثرة.
وبينت أنه بالرغم من أن معرفتنا بأطفالنا دقيقة إلا أن هناك جوانب خفية في شخصياتهم ربما لا تكتشف الا بالتدقيق وقضاء أكبر وقت ممكن معهم، مبينة أننا نستطيع التنبؤ بمعالم الشخصية من خلال عدد من الملاحظات التي نلاحظها على أطفالنا خصوصا في سنواتهم الأولى وبالتالي بالإمكان اكتشاف أهدافهم.
وفي ذات السياق ذكرت الأخصائية الاجتماعية زهرة داوود بأنها لاتجد معاناة أبدا من سلوكيات أبناءها أثناء الحجر الصحي، مبينة بأنه من الطبيعي شعور الطفل بالضيق والملل من بقائهم فترة طويلة داخل المنزل بدون خروج أو نزهة وبالتالي سينعكس على سلوكهم ونشاطهم الحركي.
وأبانت أن بعض الأطفال يتمتعون بطاقة وحيوية عالية إلا أن تعرض الطفل للحركة المفرطة وبطريقة مسببة للأذى لنفسه ولمحيطه ولفترة طويلة تؤدي لمشاكل اجتماعية وتعليمية تنبه الأهل إلى وجود مشكلة مرضية لدى طفلهم تستدعي التوجه للطبيب المختص.
ونوهت بأن تكون هذه الفترة فرصة لترتيب أولويات وعادات أخرى لم يكن بعض الأطفال قد تعودوا على ممارساتها والعمل على تعليمهم الإيجابية وإيجاد الفرح والسعادة حتى في أسوأ الظروف.
واقترحت الداوود خلق انشطة ترفيهية وتسلية للأطفال كثيري الحركة ومقاومة رغباتهم في الخروج من المنزل كالمسابقات الثقافية لتنشيط الذكاء بالإضافة لتحديد ساعات في اليوم لقراءة أجزاء من القرآن وتشجيعهم بجوائز معنوية.
وأضافت ينبغي تشجيعهم على ترتيب غرفهم وملابسهم وليكن ذلك عادة لهم وليس في فترة الحجر فقط وكذلك ينبغي لمن لديهم حديقة بالمنزل تعليم الطفل على غرس الأشجار وسقيها بالماء ومشاهدتها تنمو فيشعر بسعادة كل ذلك ممكن عمله أثناء فترة الحجر مع الطفل المشاغب كثير الحركة.
ومن جانبها اقترحت مسؤولة التقنية بمركز التنمية الاجتماعية بالقطيف ماجدة المحيشي لتهدئة الأطفال المصابين بفرط الحركة ضمن مسكن ضيق تنفيذ خطة بديلة تحتوي على برنامج مختلف عن العاده يتضمنه نشاط حركي ونشاط عقلي وفكري، وعمل جدول وتخطيط هيكل واستمارات تعزيز.
وأشارت إلى أن الحجر الصحي جمع العائلة وأصبح وسيلة وفرصة لاكتشاف مواهب الأولاد والبنات فهو جو أسري مختلف عن العاده من الممكن إحياء مناسبات أوفعاليات تقوي العلاقة بين الأب والأولاد.