آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

علي الأكبر قدوة المثابرين

ونحن نقف أمام قامة كبيرة سطرت صفحات التاريخ بأحرف ذهبية سيرته ومواقفه الخالدة، والتي طالتها نظرات الإكبار من كل منصف خامر فكره الواعي تلك الأوجه المشرقة من العظمة والشموخ الإنساني، وأمام هذه الجدارية الخالدة للمعرفة والفضيلة والبسالة نحتاج إلى الإبحار في دروس هذه المدرسة القيمية، فعلي الأكبر شخصية صمدانية بهمة أمة كاملة في عطائه ومواقفه ومنطقه الذي يذكر بموازين شخصيات الأنبياء ، فأي يد تلك التي صاغت - سيدي - مكنون العلياء في شخصك فغدوت شعلة التأسي لكل السالكين والطالبين للتكامل والتألق!!

الشباب في مسيرة التنمية لقدراتهم وشق طريق المثابرة نحو الإنجاز والنجاح، بحاجة ملحة لشخصية تمثل لهم مصدر الاقتداء والتأسي بمنطقه الحكيم وتصرفاته المتألقة في فضاء الهمة العالية ومواجهة التحديات، ولن نجد عظيما من الشباب الفذ كشخصية مولانا علي الأكبر ، والذي ينبغي تسليط أدوات البحث والاستنتاج للومضات المهمة في مكنون شخصه المبارك، كيف ونحن نتحدث عن سليل النبوة وشبيه المصطفى ﷺ ومن نتلقى تربيته في نطاق العلم والتقوى والخلق العظيم والإباء والعطاء؟!

لنلق بظلال وجودنا ونقاط القوة والضعف في شخصياتنا أمام مرآة علي الأكبر «، ع»، فيما كان عليه منهجه في التفكير والحوار والعمل والقيم الإنسانية والأدب الجم الذي تحلى به، وذلك للبدء في النظر في مفردات ونقاط العظمة في شخصيته ومن ثم العمل على التحلي بها، فعلى مستوى الوعي والنضج الفكري الذي تحلى به علي الأكبر كان على مستوى أهم قضايا الأمة وما يشغل الضمائر الحية من ظواهر سلبية تسللت للنفوس فأضعفتها وسلبتها سياج التقوى والاقتدار، فهب بكل ما يملك من جهود للتغيير الإيجابي ومواجهة محطات الانكسار والانحطاط في القيم عند الناس، إذ كان يرى مجانبة الأمة لنهج جده المصطفى ﷺ والبعد عن التعاليم الإلهية التي بذل الرسول الأكرم ﷺ عمره الشريف في سبيل إرسائها، فهل نملك من الوعي والرشد ما يشغل بالنا وتفكيرنا بالقضايا المؤثرة على مسار الفرد والمجتمع وما تواجهه الأمة من غزو ثقافي وقيمي، أم أن بعض الشباب غلفته غيبوبة الغفلة وضعف الهمة، بحيث أضاع وقته فيما لا فائدة منه وانشغل بالأمور الوضيعة البسيطة؟!

ومن جوانب العظمة في شخصية مولانا علي الأكبر هو ضبط النفس وهدوؤها في لحظات الشدة وتصاعد وتيرة المحن، فمع أن الموقف الذي واجهه مع أبيه يشكل قضية مصيرية ومسالة حياة أو موت، إلا أنه لم يتناه إلى مسامعنا من يحدث بأن الاضطراب والتردد والتشوش الفكري وخوار القوى قد أصاب هذا البطل، بما يسمى اليوم بالحرب النفسية وتضخيم صورة الخصم الذي تواجهه، وأن الهزيمة الساحقة ستلحق بوجه من يقف أمامه، وإنما وجدنا منه كل ذاك التوازن الفكري والوجداني واتخاذ الموقف المناسب والصائب، فأين الشباب في ما يواجهه من مشاكل ومصاعب وتحديات كثيرة تحتاج في تجاوزها إلى تمثل إرادة وهدوء علي الأكبر ، وذلك بتحمل مسئولية المواجهة لا الهروب والتبرير، فلتكن الثقافة التربوية والمجتمعية التي تقدم للشباب تضع شخصية الأكبر كنبراس في مواجهة التحديات، وتستخلص من مواقفه العبر التي تقدم كوصفات عملية تطبق على أرض الواقع عند مواجهة الأزمات.

ونختم بجانب التخطيط للعمل التي نستخلصها من شخصية علي الأكبر وهي الصبر والصمود والشجاعة في المواقف، فلن ينال الشباب غاياتهم بالأحلام الوردية والتقاعس عن العمل وتضخيم العقبات، بل عليهم الاتجاه نحو ميدان العمل متسلحين بتحمل المتاعب والنفس الطويل في تخطي العثرات والعقبات، فالهدف الذي تعمل عليه يستحق منك الصمود ومواجهة كل ما يعرقل ويعيق جهودك فتقاتل بشراسة العمل دون ضموره وتلاشيه.