آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

إدارة التوقعات في فترات الأزمات Expectaion Management

المهندس أمير الصالح *

تحت الضغوط الحياتية المتعددة التي قد يتعرض لها اي إنسان في ظل الجائحة التي تعصف العالم حاليا ، ينهار البعض من الناس بمستويات متفاوتة من الضغوط الحياتية. وللانهيار نتائج وتفاعلات متباينة وتراكمية ومتدحرجة. البعض منها قد يقود صاحبها للحساسية المفرطة وتتأجج روح الاقتتال أو الاعتداء أو الفتك بالآخرين جسديا. والبعض منها قد توصل صاحبها لروح الانزواء والتواري عن الاتصال للأبد والاكتئاب الشديد. والبعض تنحفر في ذاته روح الجدية المفرطة الى حد الهوس والوسواس القاتل. وهناك من الناس من يعيشون على العكس من ذلك تماما.

من آثار الحجر المنزلي لمدة طويلة بسبب كورونا ، لاحظت أثناء الذهاب الاضطراري للتسوق أن الاضطراب العاطفي وتقلب الأمزجة نحو الحدية لدى بعض العمالة الآسيوية بالخصوص وبعض المواطنين في ازدياد وتصاعد. ويؤسفني أن أشاهد بعض رواد السوبر ماركت ممن يسيء التعامل اخلاقيا مع العمالة الآسيوية. وان كنت استنكر ، إلا أنني شخصيا لا أستغرب ردود افعال انتقامية من بعض العمالة الآسيوية نتيجة الاحتقار والظلم الصادر اتجاههم من رؤساءهم في العمل أو بعض الزبائن المتعجرفين. وعليه أرجو من الجميع الرفق بحال الجميع من حولهم وترك مسافة عند طرح المواضيع أو عند تناول أطراف الحديث مع الآخرين. وممارسة أكبر قدر من ضبط الأعصاب والحذر العقلاني حتى في الممازحة ولو بقصد زرع الابتسامة أو كسر الجليد مع من تجهله ظروفا او يجهل قدرك ومكانتك. وقد تحتاج في هذه الأيام إلى اعادة التفكير مع اي شخص تتداخل معه و اي موضوع تفتح معه.

في داخل المنزل ولمن لديهم أبناء يواصلون التعليم في دول الخارج ، يكون الأب والأم في غاية القلق على ابناءهم لكونهم بعيدين عن اعينهم وفي المقابل قد يكون الأبناء أو بعض منهم في قلق أكبر على تقلبات الزمان بهم في غربتهم. فالرجاء إعادة ضبط توقعات الوالدين وضبط النفس عاطفيا بشكل جيد وادارة التوقعات والابتعاد عن القلق المفرط ، حتى لا يكون المنزل جحيم للأبناء المحيطين بوالديهم أو للابناء في الخارج أو للوالدين أنفسهم.

في معظم المجتمعات ، يتناقل العديد من الناس رسائل تحوي على تسجيلات صوتية تناشد الناس على دفع الصدقات وتحثهم على الإحسان والتبرع للأسر المتضررة لاسيما بعد ملامسة ومعاينة التداعيات المادية والاقتصادية على الكثير من الأسر وأصحاب الكسب اليومي بعد فرض الحجر المنزلي. التفاعل مع تلكم المناشدات الإنسانية مطلب أخلاقي وديني وانساني وشيء جدا حسن ومطلوب ونحث عليه، فنسأل الله ان يثيب المحسنين لكرم عطاياهم وحسن بذلهم. وعلينا أن نضبط توقعاتنا لحجم سد التصدعات الناتجة عن تراكم عدد من الأزمات الاجتماعية والسلوكية في مقابل قوة الجائحة التي كشفت الكثير من المستور وستكشف على المدى القصير والبعيد عن مجاهيل لا نعرفها.

آلمني ويألم كل إنسان شريف ما تمر به الانسانية من ظروف صعبة على كل الأصعدة سواء في استحصال الرزق أو استهلاك المدخرات للأموال أو انعدام الاستقرار أو تفتت التواصل أو انحسار البهجة أو تزايد الانباء المأساوية المزعجة أو الإحساس بالكبت أو الخشية على فقدان الوظيفة أو تصاعد أسعار التكاليف المعيشية أو قلة المعين من حوله. ولكن الجلد والصبر وبث روح النبل الانساني لمن هم حولنا أو يعيشون تحت كنفنا والتعلم على أن هذا أمر واقع ويجب بذل الجهود وتظافرها لنصل إلى ضفة الأمان.

وما ينطبق في البيت والسوق والشارع ينطبق في كل مكان تذهب اليه أو تجلس فيه . فأرجو إعادة ضبط إدارة التوقعات والمساعدة ولو بالكلمة الطيبة مع من هم حولك أو يلتقون بك ، لتجاوز هذا الابتلاء العظيم. ربي وقف المذنبون على ساحل بحر جودك وكرمك ، فارزقنا يا الله وسائر خلقك النجاة من هذا الوباء. كتبت هذه الاسطر ، وأنا لست متخصص في علوم النفس ولكن انا انسان لدي مشاعر واحاسيس كما الآخرين ، ولدي قلم أحاول أن أعبر فيه عن لساني بما يجول في خاطري. وقد يجول في خاطر الآخرين ذات الأحاسيس ، فلعل كلمة طيبة تخدم البلاد والعباد ، لا سيما في هذا الوقت العصيب ، أكبر أثرا من أعمال أخرى.