آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 6:21 م

كورونا ومنصات التواصل

عبد الرزاق الكوي

ساهم التطور التكنولوجي الهائل في وسائل التواصل الإجتماعي في تمكين الدول في ظل انتشار وباء كورونا من تنفيذ الإجراءات الخاصة لتوصيل التعليمات لكافة أفراد الشعب بسهولة ويسر، فاليوم في ظل العزل أصبح معظم الناس ملتصقين بهواتفهم مستخدمين ومستفيدين من خدمات هذه المواقع الإجتماعية.

أصبحت هذه الوسائل الحديثة والتي هي في متناول اليد تنتقل مع المستخدم حيث يشاء وفي أي مكان وأي زمان، وهي في حجم الكف، غطت على الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، فلم تصبح اليوم تلك الوسائل المصدر الوحيد لإيصال الخبر، ومصدر قوي وسريع ورئيسي للمعلومة، كما كان سابقا.

هذه الوسائل الحديثة التي أصبحت الشغل الشاغل لكل فرد من أفراد المجتمع، حيث تقدر الإحصاءات أن عدد مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي النشطين حول العالم بنحو 3,8 مليار شخص مما يميز عظمة ومدى تأثير هذه المواقع على المجتمع من الناحيتين الإيجابية والسلبية.

من المفترض والواجب الوطني والأخلاقي والديني اليوم أكثر من أي وقت مضى ضرورة التحقق من صحة ما ينشر على وسائل التواصل الإجتماعي خصوصاً في وقت انتشار الوباء، فالإعلام التقليدي من صحف وتلفاز توجد عليهم رقابة وتدقيق ومراجعة ومسؤولية، والأخبار محدودة، بعكس الكم الهائل من رسائل التواصل الاجتماعي.

اليوم المرسل في ظل التزايد لاستخدام مواقع التواصل مع تزايد التواصل بين الأفراد والأسر والأصدقاء والإستفادة من هذا التواصل على نطاق الترويج والتسويق والسؤال عن الأحوال والمستجدات الشخصية والعامة، وصولا في ظل التطورات العالمية من حروب عسكرية واقتصادية إلى وباء كورونا أصبحت لدى وسائل التواصل القدرة على تغيير التوجهات وكسب المواقف، تصل إلى غسل العقول وتحريف الأفكار وتغيير الآراء.

اليوم هذه الوسائل الحديثة أطلب تجد للخبر والتحري والبحث عن شؤون خاصة وعامة وما ترغب من معلومات سواء كانت مفيدة أو ضارة، سلبية أم إيجابية، حسب الحالة النفسية او الثقافية أو الدينية او التربوية، وبالتالي الإستخدام السليم من عدمه، تلبي حاجة كل مستخدم بسهولة ويسر بالصوت والصورة في الحدود الجغرافية وعلى النطاق العالمي، حيث جعلت هذه الوسائل العالم أكثر قربا.

قنوات التواصل الإجتماعية اليوم ليس فقط للأفراد وعلى نطاق فردي أو مجموعات خاصة وعامة، فاليوم أصبحت وسيلة من وسائل الإستخدام للدول للتواصل السريع مع كافة أفراد الشعب، ويستخدمه كثير من السياسيين لتوصيل أفكارهم وطرح توجهاتهم وكسب الأصوات وتغيير تحالفات، ويستخدم من قبل الإقتصاديين ورجال الأعمال والصناعيين من أجل الترويج لسلعهم وبضاعتهم، فالمتابعون اليوم لبعض السياسيين يصل إلى عشرات الملايين.

وباء كورونا اليوم الشغل الشاغل للعالم أجمع بدأ تأثيره على كثير من الدول وانعكس على الأداء السياسي والإقتصادي والصحي، فالكم الهائل من المعلومات على مدار الساعة تبرز أهمية متابعة مستجدات هذا الوباء، والإستفادة من منصات التواصل الإجتماعي بطريقة سليمة وهادفة

لا أحد ينكر الدور الفاعل لمنصات التواصل الإجتماعي وأهميتها وماتقدمه من خدمات من قبل الوباء وأثناء بداية الوباء حتى انتشاره في العالم، فالمهم الآن وفي هذه المرحلة الحساسة العمل الجاد والتأكد من صحة ومصداقية ما يرسل، أن يهتم كل فرد ويتحمل المسؤولية أن يكون تطلعه وهدفه بما يرسل بالكيف لا بالكثرة والكم الغير مفيد، هذا النداء لمنصات التواصل وحتى إلى المواقع الاكترونية، من كثرت ما يكتب لا أحد يستطيع قراءة كل ما يكتب وأكثره ذو أهمية ومشكور من تكفل العناء وشارك خدمة لمجتمعه، وصل الحال لبعض الكتاب ان تكون كتاباتهم حلقات طويلة، حبذا لو اختصر أو وضع مكان مخصص لموضوعات وباء كورونا، ما نشاهده أن هذه المقالات تأخد حيز كبير من صفحة المقالات.

فلنجعل منصات وسائل الإتصال والصحافة الإلكترونية في هذا الوقت الحساس كمساعد للدولة بالتدقيق في ما يرسل والتأكد من صحته والتقليل من الرسائل الغير مهمة، نتخلص من عادة نسخ ولصق، فاليوم جميع شرائح المجتمع تستخدم مواقع التواصل الإجتماعي، المتعلم والأمي والمثقف والجاهل، والفقير والغني، والصغير والكبير، والطفل والشاب، والمرأة والرجل، مما يولد كم هائل من المراسلات على مدار الساعة، ليس جميعها مفيدة بل تحتاج الى غربلة وتدقيق ووازع ديني ووطني وأخلاقي في هذا الظرف، خصوصا لوجود البعض ممن يتعمد او بحسن نية نشر أخبار سلبية وضارة ومفبركة وشائعات خطيرة، وبث الفتن وتقديم وصفات طبية وأدوية وطرق علاجية ووقاية مما يرجع ضرره على المجتمع والدولة، كل ذلك يزرع روح القلق والتشائم والخوف لصدورتلك المعلومات من غير المختصين والتأكد من المصدر قبل النسخ واللصق،

فالتوعية وحب تقديم خدمات للمجتمع عمل نبيل ولكن مع الحرص على القليل المفيد عن الكثير الذي لا مجال لقراءته وكثرة المرسل تقع الأخطاء.

فكما يوجد المحبين لهذا المجتمع الطيب والدولة المعطاء في هذا الظرف، يوجد الطابور الجاهز لبث سمومه وحقده، على شريحة من مجتمعه داخليا أو خارجيا، فهذه العقول تحتاج إلى وقاية ومحاربة مثل محاربة وباء كورونا، والحذر من وجودهم على منصات التواصل.

فليتعهد الجميع كواجب وطني وديني، أن نقنن ونبحث عن المصداقية وان نتمعن في ما يرسل قبل أن نرسله للآخرين، فالناس تعيش على أمل تجعل البعض يصدق اي خبر ينشر، مما يعود بالضرر، فخير الكلام ما قل وذل، أن تكون المصادر موثوقة أو عدم الإرسال، يوجد من يتصيد في الماء العكر، وهذه هي بيئتهم، إستغلال هذه الأزمات لتمرير وبث السموم.

ليجعل الجميع وسائل التواصل لدعم وشكر من يقف في الصفوف الأمامية، بكل شجاعة وتضحية يقدم الجهد والعطاء، في ظل خطر محدق، هم أعلم بخطره، والأخبر بفتكه، أن تفعل لجان لخدمة من يحتاج منهم من خدمات، أن يعرفوا أنهم محل تقدير ومحبة من كافة أفراد المجتمع، الجميع جالس بأمان في منازلهم والكوادر الصحية في جهاد وسباق مع الزمن من أجل حماية الجميع، فالكاتب صاحب القلم له دور والشاعر له دور والمثقف له دور والفنان له دور والرسام له دور ورجل الأعمال له دور، وكافة أفراد المجتمع لهم دور تقديم الشكر لمجهودهم، هذا الشكر يتجلى في أن يبقى الجميع في المنازل وهدا ما يخفف الأعباء عن الدولة وعن الكادر الصحي.