آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

رمضان الذي صنعنا فيه خبزنا

تغيرت عاداتُ سكان القطيف، وما حولها، ومكوناتُ موائدهم في شهر رمضان بتغير الأحوال الاقتصادية التي مروا بها وعولمة التنوع في الأكل، لكن طبق الثريد كان ولا يزال يستهوي أغلبَ الأذواق في شهرِ رمضان. فهل يُؤرخ لهذه السنة، 1441 هجرية، بالسنة التي صنعَ فيها أهلُ القطيف خبزَ ثريدهم بأيديهم وفي منازلهم؟

طعامُ الخبز المفتوت باللَحْم والمَرَق أو ”الثريد“ الذي يعود تاريخه لما قبلَ الإسلام في الجزيرةِ العربية لا يصح إلا بالخبز. وفي القطيف يشد الناظرَ رؤيةُ الخبز العربي ”التنور“ الذي يصطف على شراءه الناس في طوابير منذ اليوم الأول من شهرِ رمضان، ولا تخف رغبتهم فيه إلا في الأيامِ الأخيرة من الشهر، هذا النوع  الشهي من الخبز لأول مرة يختفي منذ ظهوره!

يقال أن الضوائقَ والمحن تولد الحلول، وها هي هذه الضائقة تجعلنا نفكر هذه السنة في الخبز، فلربما في السنةِ التي تليها نفكر في صناعةِ الملبس وفي ما بعدها نفكر في صناعةِ الأثاث والتقنيات. تعمل الضوائقُ عمل الخميرة في الخبز التي تسرع من انجاز العجين وتظهيره قبل وضعه في نار الفرن، فلطالما حوَّلت الشدائدُ إراداتِ المجتمعات المطمئنة لرغدِ العيش والغير متيقظة لمستقبلها من حالةِ السيولة إلى حالةِ الصلابة وإن بالتدرج.

لعلنا اليوم وصفنا خبزَ الثريد وتغنينا بمدحه رمزاً لما كنا ننتج ونستطيع أن ننتج بأيدينا ليس إلا! وفي السنواتِ التالية نتغنى بزراعةِ ما نأكل، فكل ألف فرسخ يبدأ من خطوةٍ واحدة. ثم بعدها نحيك ما نلبس ونصنع ما نركب وهكذا ألف باب من العلم والصناعة يَفتحه لنا بابٌ واحدٌ من العزيمةِ والجد.

هي فرصة لمن يرغب في أكل الثريد هذا العام أن يصنعَ الخبزَ في داره ويضمن نظافته وجودته ومذاقه، أو يستعيض عنه بالخبز الآلي الذي بالطبع لن يُرضي ذوق من شمَّ رائحةَ الخبز القديم المعتق والمخمر في مئاتِ السنين. إذن هي السنة الأولى التي ربما نعجن فيها خبزنا بأيدينا. يا ترى ماذا بعد بإمكاننا أن نصنع؟ لابد أننا نستطيع أكثر من صناعةِ خبز الثريد!

مستشار أعلى هندسة بترول