آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

نعيم في الدنيا والآخرة

فؤاد الحمود *

﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ

آه على فقد الأحبة المخلصين لمجتمعهم ودينهم ففقد الأحبة غربة..

هاهو نعيم يغادر للنعيم المقيم وقد خسرناه جسدا ولم نخسره فكراً وإشعاعاً..

لمثلك يا أخانا أبا عبدالله تحزن القلوب وتدمع العيون..

ما عسايَ وأنا الحزين بفراقك أن أسطر فيك من كلمات واكتب فيك من رثاء، وكفاك أنك «نعيم»؛ فالعرب تقول وعلماء النفس يؤكدون أن لكل شخص من أسمه نصيب، حزت النعيم أيها العزيز من خلال طهارة قلبك الذي انطبع على بشاشة وجهك فابتسامتك التي لا تفارق محياك حتى في أحلك الظروف العصيبة، ومواقفك النبيلة التي لا يمكن عدها وحصرها في هذه العجالة والقلب يعتصر ألماً لفراقك، توقفت عن الكتابة واجما من ساعة نبأ افتجاعي بك فليس القلم الذي وقف بل الذهول الذي انتابني؛ أحقيق أنك رحلت!!..

أعلم أن علمك بالنعيم الزائل الذي لا تقيم له وزنا وشوقك للنعيم الأزلي السرمدي الذي كرّست له حياتك كلّها، أجدك في المسجد شعلة نشاط وخلف الستار تعمل بلا كلل، أما حبك للحسين الذي جعلك وجيها في مجتمعك فأنت المبادر لتلك الفعاليات والمشاركات؛ فحسينية الناصر ما زالت تترقب عودة برامجها الرائدة والتي كنتَ عماداً من أعمدتها، وكذا المواكب العاشورائية التي كنت تتوشح بالسواد على الحسين في موسمه.

وما أعظمك في اللجان الاجتماعية المتعددة التي كنت شعلة وضاءة بها تنظيراً وتطبيقاً في الميدان، فمال حال لجنة الوفاء وأنت لها الوفي فتارة تقيم البرامج بها وأخرى اللقاءات التعريفية في وسائل الإعلام..

وقبل عام خرجت بكلمات في الفيس بوك مودعاً العمل التطوعي بلا رجعة فمازحتك ولاطفك الكثير، أخي مثلك لا يتوب ولن تعرض ولو تعرضت لتهميش وإقصاء، حملت مشاعل العطاء فأنعمت على مجتمعك الصغير والكبير، لم تنس أحداً حتى ذوي الإعاقة كان لهم نصيب من اهتمامك فخلال الجائحة كرست العمل في جمعية سيهات لإنتاج بعض الأفلام المرئية لتوعية المجتمع.

فكعادتك بادرت أن تكون نصيبا للصم فيها، فجاءني الاتصال منك رغبة في الترجمة بلغة الإشارة، ويعز علي بعد تقسيم القطيف إلى قطاعات فكان من المعسور أن أذهب لسيهات العزيزة ولا أنت مع فريق العمل تحضر للقطيف فتوافقت معك أن أصور بالوسائل البسيطة وعليكم المنتاج فكنت المتابع حتى قبل يوم أرسلت لي رسالة لطيفة كروحك الطيبة ”ما خدر الشاي“ تعبيراً عن انهاء العمل.

أي عشق لك أيها الواله في العمل الخيري ليلاً ونهاراً فلا تفتأ ولا تملّ..

أي طاقة كنت تحمل وأي روح تغرس بها المحبة لدى المجتمع في نشر الخير وتربية الأجيال.

أخي العزيز يا مدرسة العطاء، نم قرير العين فليس عليك مخافة؛ فروحك في النعيم متعلقة، ونحن نستلهم منك بعض الرشفات محاولين الحبو إلى ما وصلت إليه.

إيهٍ أبا عبدالله، أأعزي فيك القطيف قاطبة أم سيهات التي ثكلت بك أما حال أسرتك الصغيرة لا يحلو لي وصف لوعتهم وحزنهم، فإذا كنّا لفراقك مذهولون ونظرة بسيطة لوسائل التواصل التي تعج بصورتك وتعزيتك والتأسي عليك فهل يمكن أن نلومهم أو نصل لحقيقة حزنهم آلا ساعدهم الله وربط على قلوبهم.

وأخيراً همسة في أذن المحبين؛

حبيبنا أبو عبدالله عند مليك مقتدر ولسان حاله: ”يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ“