آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

رمضان في زمن الكورونا...

سهام طاهر البوشاجع *

منذ مغيب شمس آخر يوم من أيام شعبان وفي هدوء الشوارع التي خلت من المارة وضجة عوادم السيارات، تسارعت أصوات نبض القلوب إلى المسامع بين فرحة بقدوم شهر رمضان الكريم وبين لمسة حزن اعتلت المباسم واتشحت بها الأرواح والأنفس لغياب جزء من عادات ومشاهد اعتادت أن تراها وتقوم بها.

فلم تتزين المقاهي والمجمعات ولم تضاء أنوار الشواطئ والأسواق ولن تدار الأطباق بين الجيران، ولن يجلس الجد على كرسيه المعتاد أمام طاولة الطعام المعدة قبل أن ينطلق مدفع الإفطار ويرتفع صوت آذان المغرب ولن تكون الجدة على سجادتها المفروشة قبل الآذان تبث دعواتها للجميع بالرزق والبركة.

تناقصت الصحون والكاسات وتقازمت ”الجدور“ على الأفران وباتت مفارش الطعام أقصر طولا والأكلات أقل تنوعا حصل كل هذا بقوة وتجلى بوضوح واقعا مفروضا على الجميع لكنه كالقدر الذي لم يقفل الباب بإحكام بل تركه مفتوحا قليلا يشع بصيص من أمل ويحاول ألا يبهت وأن يزداد إشعاعه يوما بعد آخر يلقي بوعوده السريعة، بالعودة للأيام الجميلة، محفزا الابتسامة أن تقتنص طريقا نحو الثغور وتلتمس منها التبسم على الدوام.

قد تكون تحركت عجلة الزمن تحركا ثقيل على النفوس لكنها أنذرت ببيان شديد اللهجة ألا يحركها المتشائمون إلى الخلف والبكاء على الذكريات بل سعت إلى أن يدعوها تسير هكذا بما قدر الله لها بالمسير في خط لم يحسب له حساب، لا في أكبر العقول المفكرة والعالمة ولا في أصغرها حكمة، بل أشارت إلى العقول الواعية أن تجدد الثقة بالله وأن تبتهل بالدعاء مع كل طبق نقص أو كرسي زوي أو سفرة قل طولها، بأن يبقي الله الأحباب والأصحاب بخير وعافية وصحة وسعادة وأن تضاء القلوب بالفرح الموعود الذي سيشفي قلوب الآباء والأمهات والأجداد والجدات، والذي سيراقص قلوب الصغار، تلك الصغار التي تاقت للشقاء البريء مع أبناء عمومتها وأخوالها وأصدقائها.

رمضان ستبقى هذا العام جميل رغم الزمن الذي أتيت فيه مجبرا سمي بزمن ”الكورونا“ ستزال تدور ألطافك علينا مدار الرحى وتنزل علينا شفقتك من أفق السماء ومع كل إشراقة شمس وغروب لها.

فالحمد لله ما زالت السجادة تلتقي بمعتنقيها وإن لم تفرش في حرم جماعي تستنير بالركعات والسجدات، تزهو نورا يضيء القلوب الواله لعودة جديدة أكثر إيمانا وأكثر اعتزازا وأكثر ثقة بأن من خلق الخلق وهو في قبضته هو فقط باعث الأمل ومنزل رحمته.

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز