آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:54 ص

القصص الصحافية في زمن كورونا

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

بقدر ما يتصدر وباء فيروس كوفيد - 19 الأخبار، ونشرت عنه آلاف المواد عربياً، على مختلف المنصات الصحافية، إلا أنه في ذات الوقت، ليست كثيرة هي التقارير التي كتبت من خارج الصندوق، وبعين فاحصة مختلفة، من دون أن تكون مجرد ناقلة لأرقام الإصابات أو الموتى، أو متابعة لما تنشره وزارات الصحة في البلدان العربية، أو ما تبثه وكالات الأنباء العالمية.

هنالك دور مهم لا يمكن إنكاره قامت به الصحافة، ألا وهو ”التوعية“، وتحذير الجمهور من خطر الفيروس، خصوصاً في بدايات انتشاره. وهي مهمة كان لها أثرٌ في حث الناس على الالتزام بالاحتياطات الصحية، وتزويدهم بمعلومات عن كوفيد - 19، والدراسات حوله، وسبل انتقاله، وكيفية الوقاية منه.

قد يكون الجمهور العريض تجاوز هذه المرحلة، رغم أهمية أن تكون جرعة ”التوعية“ حاضرة بنسبة ما، وبأساليب متنوعة، ويتم تحديثها وفق المعلومات المستجدة، وتطورات رفع الإجراءات الاحترازية التي تختلف من بلد لآخر. لأنه لكل مرحلة طرق وقاية خاصة بها.

أرقام الإصابات والتشافي والوفيات، هي الأخرى باتت مملة ومربكة للناس. خصوصاً أن الأرقام تقدم بشكل غير مفهوم ومبهم، ويقود لنتائج متضاربة. من هنا سيكون مفيداً الاستعانة بمختصين يجيدون تحليل البيانات، يقومون برصد هذه الإحصاءات، وفرزها، وتبسيطها للمتابعين على أسس علمية، ومعادلات رياضية، يجيدها خبراء الرياضيات والإحصاء، وأيضاً الباحثين في الذكاء الإصناعي والبرمجيات الحديثة.

”صحافة البيانات“، هي أحد الحقول المهملة في المؤسسات الصحافية العربية، وأثبتت أزمة كورونا مدى الحاجة للاهتمام بها، وتدريب الصحافيين عليها، كي يستطيعوا التعامل مع ما يصلهم من أرقام، ويضعونها في سياقها الصحيح.

إن الكتابة في هذه الأوقات، بقدر ما هي سهلة كما يتصور البعض، إلا أنها صعبة، دقيقة، وحرجة. لأن المعلومات التي تقدم سوف تأثر على عقل ونفس وسلوك القارئ، وقد تدفعه إلى خيارات خاطئة. من هنا، من المستحسن أن يتولى البحث في تفاصيل التطورات الطبية الصحافيون العلميون، والأطباء المختصون.

ماذا عن بقية الصحافيين، هل يجلسون في منازلهم دون القيام بأي مهام؟

الصحافيون أمامهم فرصة كبيرة لنشر تقارير يتابعها الناس بشغف. المعادلة تقول: اهتم بالناس، سيهتم الناس بما تكتب.

إن التركيز على القصص الإنسانية التي تعبر حيوات الناس، يومياتهم، بحثهم عن العمل والغذاء، آمالهم بالنجاة، مكابداتهم مع عائلاتهم، تعليمهم لأطفالهم عن بعد، رحلة المرضى للحصول على العلاج الذي قد يكون متوفرا في مدن بعيدة، المزارعون الذين يحرثون الأرض لتوفير المواد الغذائية في الأسواق المحلية، وعشرات القصص الأخرى، هي مجالات مفتوحة أمام الصحافيين لكي يهتموا بتفاصيل صغيرة، هامشية، قد تكون مهملة، لكنها تلامس شغف الناس وعرقهم، وتحكي نضالهم الفردي والجمعي في التشبث بالحياة وعدم الاستسلام للخوف.

أنسنة القصص، وأن يجد الفرد ذاته في ما يقرأ أو يشاهد أو يسمع، هو ما سيجعل للصحافة تأثيرًا أكبر، ودوراً أوسع.

.. وللحديث تتمة