آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

تاروت تاريخ ورؤية

أحمد منصور الخرمدي *

لجزيرة تاروت تاريخ عريق موغل في القدم، عبر الحضارات التي سادت ثم بادت من فجر التاريخ وقد سطرت آلاف الصفحات الناصعة عن ماضيها في التاريخ والتراث.

يرجع تاريخ المنطقة إلى العصور الحجرية المبكرة الأول «فجر الحضارة» والثاني «الأوسط» والثالث «الحديث».

ويؤكد بعض المختصين في الآثار بأنّ الإنسان كان يعيش في غابات كثيفة قبل خمسة عشرة آلاف سنة، وقد اهتم المؤرخون المحلّيون والأجانب وخاصة من الرحالة إلى جانب الدوائر المختصة في هذا المضمار وقد أصدروا العديد من البحوث والدراسات في التاريخ والحضارة الإنسانية التي تعكس الامتداد التاريخي في جذورها الضاربة في القِدم.

تاروت جزيرة يحيط بها البحر وكلّها ثروات وذخائر تعبق بالماضي الأصيل. إنّها الأمجاد التي تتدفق وكأنّها ينبوع معطّر بعبق البخور وهو ممتد إلى اليوم.

إنّه الماضي العريق والحاضر الجميل والمستقبل الزاهر، فلا يباهيها في الموقع الأثري والجغرافي والمساحة كجزيرة في مملكتنا الحبيبة أيّ مكان.

كنوزها الثمينة ما زالت في مخابئها محفوظة، وما كشف عنه صدفة لا يمثّل إلا القليل، تعلّق بها أبناؤها الذين تربّوا على ثراها.

فكلّ من زار جزيرة تاروت زاد عشقه لها لتكتمل لديه الصورة عن ماضيها وتاريخها، كما اشتاقت لها قلوب كل من سمع أو قرأ وشاهد صور آثارها وتراثها.

ما زال الباحثون والمؤرخون وعلماء الآثار، في حيرة وغموض عن تفسير ما هو مشهود على الواقع وما هو دفين تحت أنقاض حصونها وقلاعها والمواقع الأثرية التي أحيطت بالسياج تفادياً للعبث.

إنّ الجزيرة مليئة بالآثار التي أثبتت بشواهدها عبر الحضارات المتعاقبة بأنها أقدم مدينة في سواحل الخليج بأسره وهي في منتصفه لها علاقة بجميع المدن القديمة على امتداد سواحل الخليج، وأنها مرتبطة بالحضارات كالسومرية والأكادية والآشورية والفينيقية والحيثية والهيلينية حيث سادت ثم بادت على تراها. وكل تلك الأمم تركت زخما من آثارها على تراب جزيرة تاروت.

ولولا خوفنا أن يطول الحديث لسطرنا لكم في هذا المقال، الأكثر والمزيد شوقاً والمكتشف حديثاً، من آثار ومواقع تثر الدهشة والإعجاب بهذه الجزيرة «الدانة» وتراثها من قلاع وحصون وأماكن تراثية على ترابها وما تحتويه من معالم ومصادر مياه طبيعية كانت مهمة للحياة، ومزارع وبساتين ذات الأشجار المثمرة والنخيل الباسقات بالغت العدد الذي يفوق الخيال حين ذاك «بالاسم والموقع والمالك، إن شئتم» وكل تلك الكنوز في بلداتها المترامية الأطراف، القلعة وبيوت الديرة والعين العودة وحمام تاروت وحمام باشا والعونية «لرمي الدوخلة» برج أو قلعة أبو الليف من القرن السادس عشر الميلادي، الموجودة بقاياه في البحر كما هو مدون تاريخياً، وميناء دارين في الطرف الجنوبي وسمي ميناء المسك والعنبر ويعد سابقاً أحد أهم المنافذ الاقتصادية لنقل البضائع من الهند ويعود تاريخه إلى ما قبل العهد الإغريقي والمطار التاريخي المعروف بمطار دارين أو مطار الرفيعة، الباقية شواهده بغرفة الوقود ببلدة الربيعية، وما امتازت به سنابس من أثار عثر بقايا مستوطنات، ومرفأ بحري في الشرق، وصناعة القوارب والسفن البحرية وكذلك أهمية مرفأ الزور ولا يفوتنا أن ننوه بالمساجد الأثرية والتاريخية بالجزيرة وأبرزها مسجد الخضر بالربيعية ومسجد الشيخ علاء بالدهشة ومسجد الشيخ محمد سنابس ومسجد الرفعة بالديرة، ومن المساجد في دارين جامع دارين الكبير بالقرب من قصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الفيحاني التاريخي وبجوار القصر والحصن التركي «سابقاً»،

مسجد الفاضل ومسجد الدرباس، وفي بلدة الزور مسجد الزور وهو الآن «جامع الإمام حسن البصري»، ومن الآثار ذات الصيت الكبير، تمثال الذهب الخالص «عشتاروت» وتمثال ملكة الجمال والأزورد حجر المحبة والسعادة، ومن معالم مهمة للغاية، منها «الأولى» وقتها في المملكة مع البعض من الصور النادرة،

كما من الممكن أن نسلط الضوء على الإيجابيات التي تقوم بها الفئة الشابة من هذا الجيل المبارك من فعاليات ومهرجانات وما رسمت له من خطط ومشاريع استثمارية واستراتيجية، ودور إعلامي باهر من التصوير والترميم والبناء التراثي بالنسخة الأولى، ودورها الإرشادي والسياحي والمقتنيات والمتاحف الشخصية والتي حظي البعض منها بالترسيم، والتي جميعها عززت وما زالت مستمرة، تعزز من مكانة هذا التراث وتحافظ على ما تبقى منه وتبشر بكل خير، وكما نسترجع قليلاً عن الماضي القريب للجهات الرسمية المختصة بالدولة الموقرة، اتجاه هذه المواقع التاريخية القديمة وما تطرحه من بعض الأفكار المميزة والوعود الخيرة، وما يتطلع إليه الجيل الراهن منها، بالإضافة إلى ما تملكه هذه الجزيرة والمحافظة بوجه عام من مهن يدوية وحرفية وما لهذه الجزيرة من تاريخ عريق، تجارياً وصناعياً وزراعياً وبحرياً ومن أهم المهن الفلاحة وصيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ والكثير من المعالم والشواهد الأخرى المتعددة ومنها على سبيل المثال، الفلكلور الشعبي والعادات والتقاليد الموسمية ذات الطابع التقليدي والأصيل والمشترك البعض منها مع دول الخليج، وما صاحب تلك الجزيرة وتاريخ العصور التي توالت عليها وزانت من نهضتها، ومن مذكرات تاريخية لكتاب وأدباء وباحثين محليين وزوار أجانب ورحالة من مختلف الجنسيات مع ذكر بعض الأسماء، وكذلك تلك الفترة من الماضي المضيء منه دور الكتاتيب وتحفيظ القرآن الكريم «المعلم» وسير رجال الدين من العلماء والمراجع الكبار رحمهم الله وقدس أرواحهم جنة الفردوس، ونختتم بأجمل الكلمات والعبارات والقصائد الذي قيل فيها والتي تغنى بها الناس وعلي لسان النمامين والشعراء وعازفي الناي الجميل «نحن بمساندتكم المعطاء وبالتعاون مع جميع الإخوة والأخوات، بصدد إعداد مادة كاملة مستوفية تلك الشواهد وإصدارها في شكل كتاب أو بشرور مميز، في القريب العاجل إن شاء الله».

يبقى الجوهر من الهدف والمراد من مقالنا هو:

من خلال ما تقدمت به الأهالي من مطالبات سابقة، وما تشهده الجزيرة من عشرات السنين من فعاليات وأنشطة ومهرجانات رائعة ومتميزة، تاريخية وتراثية وثقافية وسياحية ورياضية، ومنتديات تحكي تاريخا وتراث الأجداد التي توارثه الأبناء ويتوارثه الأجيال ومما مثلته من حضور تجاوز الآلاف خلال السنوات الخمس الماضية من المسؤولين وكبار الشخصيات من الزائرين والوفود من الجاليات والطلبة، والعديد مما هو جميل وثري بالمعرفة في صفحات التواصل الاجتماعي بمختلف تنوعت وخاصة الشبابي منه الذي حقاً أسعدنا جميعاً..!

ولليقين والثقة لدينا بما يبذل من الدولة حفظها الله، من سخاء لا محدود ومن حرص واهتمام مباشر من القيادة الحكيمة رعاها الله في رفع مستوى الوعي وترسيخ كل ما من شأنه تطوير هذه المواقع الأثرية والتاريخية وهي المدخل الرئيس لمحاكاة الشعوب وتقوية الروابط بينها وبين دولها مع العالم أجمع.. ومن هذا المنطلق المضيء، ما زلنا نعيش الأمل وتحقيق التطلعات، بأن نحظى بإطلالة ذات أفق كبير وشامل ضمن رؤية المملكة السديدة، من الجهات الرسمية المعنية والمختصة في الآثار والتراث السعودي الوطني، وخاصة من المسؤولين في هيئة السياحة والتراث الوطني والترفيه - حفظهم الله - بعناية وطنية والتفاتة تنموية وتطويرية وكذلك استثمارية منها إتاحة الفرص للشباب في مزاولة الأعمال المهنية والحرفية متى هيئت وأعدت تلك المواقع وأصبحت أماكن سياحية جاذبة للأهالي والزوار ولعموم الجزيرة من دون استثناء من البحر إلى البحر حتى وإن كانت تلك المواقع ترسى على جهات استثمارية وتنموية وطنية واعدة تعود بالفائدة والنفع على الجميع وقريباً «بإذن الله».

«كل الشكر والتقدير لكل من ساهم من الإخوة والأخوات في إخراج هذه المادة التاريخية».