آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

كورونا والنيران الصديقة

عبد الواحد العلوان

من المعلوم بأن هناك حروبا بين الدول وهناك تحالفات كبيرة، على قدر الحرب التي تكون حينها، والأدهى والأمر بأن هذه الحروب قد تصادف نيران صديقة، وطلقات وصواريخ وإسقاطات من حلفاء وأصدقاء وأحبة هم من أقرب الناس لك، وأشدهم محبة لتعزيز قوتك وقدراتك..!

هل استوعبت يا صديقي:

بأننا في حرب ونحتاج تحالفات كبيرة وكبيرة جداً لنستطيع أن نتغلب على هذا الفايروس، ولا نحتاج نيران صديقة قد تأتينا منك ومن البعض الذين لم يستوعبوه حجم هذه الحرب، وما قد تؤدي إليه الأمور بعد ذلك..

أنفاسك ورذاذك وعطساتك وإصاباتك هي النيران الصديقة التي قد تهديها أقرب الناس لك أمك وأبوك وإخوتك وزوجك وكل من تقابله، نيرانك الصديقة أشد فتكاً وغدراً في أجسادهم الطاهرة، وهذا نتيجة حتمية مع حرب كورونا..

هذا ما فعله فايروس كورونا في المجتمعات، وفي معظم الدول، هو يفتك وينتشر وينتشي بين الأصدقاء والأحبة والأسر، والجهات المعنية والحكومية ووزارات الصحة تصد الهجمات بكل قواها، وهي في تحالف تام مع الشعوب الواعية والشعوب العقلانية التي عليها مسؤولية في التحالف وصد الهجمات، بالوعي والوقاية والالتزام بالقوانين والأنظمة في هذه الحرب..

من يفوز في هذه الحرب… الواعي أم الجاهل..؟

الحقيقة أن الجميع تحت نيران كورونا، فالواعي قد يصاب نتيجة مخالطته الجاهل، والجاهل قد يموت نتيجة جهله واستهتاره، ولكن ماأجمعو عليه المنظمات الصحية بأن الواعي قد يكون في منأى وسلامة بعدما يتخذ الحيطة والتدابير بوعيه، والجاهل قد يَفْتِك بالوطن بأكمله بجهله..

الحرب التي يقوىدها فإيروس كورونا كوفيد 19 ضد البشر لم تفرق بين أحد بل تساوت جميع الرؤوس، الطبيب والممرض والمعلم والباحث والبروفسور، الغني والفقير الكبير والصغير الشاب والشابة، حتى رؤساء الدول وحكامها لم يكونوا في منأى عن تلك الهجمات الشرسة، لا تكن متفرجا في هذه الحرب، وأمام هذا الفايروس الذي لا يعرف أنك تحب الحياة وتود أن تعيش وسط أسرتك، وسط وطنك، وأنت بخير وصحة وسلامة..

انتشار وتفشي كلوفيد 19 ووصوله لقمم ذروة الانتشار وحِدة الإصابات، هذا نذير بأن الجميع تحت مظلة هذا الفايروس، ولن يسلم منه إلا من أمن نفسه وتوقى وعزز قدراته الوقائية والنفسية في منزله وبين أحبته، ومن أستهتر وتهاون فالمصير المحتوم بانتظاره..

أنتشى فايروس كورونا وألتقط أنفاسه لينهش بكامل قواه كافة المجتمعات العالمية، وما من رادع يردعه، وما من وأعض يعضه، وما من عاقل يتعقل بما يراه ويسمعه ويشاهده، عبر المؤتمرات الصحفية اليومية والتي تذيعها كافة القنوات الإخبارية الرسمية، عبر المتحدثين الرسميين لوزارة الصحة والداخلية..

العاقل من يتعظ بغيره الصين، إيطاليا، أمريكا، إيران، فرنسا، البرازيل، بريطانيا، ألم تكن هذه الدول خيرُ عظة وعِبرة لنا..؟

نعلم جميعاً بأن كورونا هذا الفايروس الذي لا يرى بالعين المجردة وهو أصغر من حبة الأرز، قد أغتال الكثير من أحبتنا، وتلطخت جنباته بأرواح الكثير من الشباب وكِبار السن والأطفال، ولأنه لا يميز بين عدو وحبيب، وجب علينا التكاتف، وجب علينا الوعي التام، وجب علينا الوقاية الفردية والشخصية والتي تجنبنا الكثير قادم الأيام..

وفي تاريخ 5 شوال من يوم الخميس وبعدما قامت وزارة الداخلية السعودية، بتخفيف القيود من قانون حظر التجول في كافة مدن المملكة العربية السعودية عدا مكة المكرمة، ما الذي حدث حينها..؟

حدث الكثير والكثير من التهاون والاستهتار، الدولة بكافة أجهزتها الصحية والأمنية والاقتصادية سخرت كل ما تملك للحفاظ عليك وعلي صحتك وصحة أحبابك، وما شاهدناه وما رصدناه ورصدته الجهات المعنية، من استهتار في التجمعات، والابتعاد عن النظام الصحي والتباعد الاجتماعي في المطاعم والكوفيهات، والمواقع الترفيهية، سوف يعيدنا حتماً لنقطة الصفر..

الجميع شعر بقيمة الحرية

والجميع منا شعر بقيمة الصحة، وقيمة الوقاية وقيمة المال والاقتصاد والسفر والترفيه، والجميع منا ضاقت به الأرض ومارحبت، حينما بقي جالساً في منزله ما يقارب الشهرين، اِلْتِزَامًا وطوعاً وتماشياً مع الأنظمة والقوانين التي فيها قيود للحفاظ على صحتك، أذن..!

هل الحرية التي نتوق لها، هي فك القيود، والتقآرب بهذه الصورة التي تنم عن جهل وعن قلة وعي، وقد تسبب فتكاً جديداً وأنتشاراً صارخاً للفايروس كوفيد 19 بعدما وصلت الأرقام والأحصائيات التي تسجلها وزارة الصحة، لنسب السيطرة على الفايروس وأنتشاره، هل نحن في حرب مع أنفسنا، أم مع الدولة ضد الفايروس، أم مع الفايروس ضد أنفسنا وأحبتنا..؟

ألم نشاهد أطباء وممرضين وطواقم طبية، ماتو ضحية فايروس كوررنا، وهم أشد الناس وعياْ وألتزاماً بالأنظمة والألبسة الوقائية، وهم مدججين بكل ماقد يوقيهم من هذا الفايروس «كمام، ولباس خاص لكل الجسم، وقفازات، ونظارات خاصة، وأحذية خاصة، وووووو» ومع شدة حذرهم رحمو الله جميعاً ماتو ضحايا وشهداء في حرب كورونا..

في بادئ الأزمة كانت الأرقام التي سجلتها وزارة الصحة بنسبة 78% وحتى 80% جميعها أصابات بين المقيمين، ولها أسباب معروفة لدى الجهات وهي قلة الوعي وعدم الوقاية، والتكدس السكاني في مواقع السكن، وكانت نسبة الإصابات بين المواطنين لاتتجاوز 20% وهذا رقم جداً قوي للوعي، وبإن المواطن ملتزم وواعي ومستوعب حجم هذه الحرب..

وماحدث بعد فك القيود بأسبوع فقط فقط..!

أرتفعت نسبة الإصابات بين المواطنين، وأصبحت أُسر بكافة أفرادها والتي تتجاوز 8 أو 15 فرداً مصابين جميعهم، وتجاوزت أرقام تعتبر خطرة، وتدق ناقوس الخطر من جديد بإن أجهزة التنفس الأصطناعي في المستشفيات قد لاتكفي لو أرتفعت نسبة الإصابات الحرجة لأعلى من ذلك، ولهذا قامت وزارة الداخلية بإعادة فرض القيود وحظر التجول على بعض المدن، خوفاً من عودة التفشي وبأرقام عالية الخطر..

أعزائي وأحبتي ألتزم أنت كفرد، وأنت في أسرتك، في خروجك من المنزل وفي خلال تنقلاتك بما وضعته اشتراطات الوقاية والسلامة الفردية والجماعية، في المطاعم والشارع والزيارات، والمساجد، لكي لا تقع فريسة في أيدي هذا الفايروس الذي قد ينتقل لك بلا عِلم، ومنك إلى أسرتك، ومن أسرتك لمحيطك الاجتماعي الصغير ومن ثم الكبير، وهكذا، وبها قد نصل لأرقام إصابات وأرقام حالات حرجة، قد لا تستطيع وزارة الصحة استيعابها في كافة مستشفياتها..

كن على قدر المسؤولية

إذا ذهبت لمطعم، أو كوفي شوب، أو محلات تجزئة، وشاهدت استهتار من قبل ملاك المحلات، أو العاملين فيها، لا تنتظر أحد ليشعرك بدورك الأمني كمواطن، قُم فَوْرًا بالاتصال بمركز العمليات الموحد وأبلغ الجهات المسؤولة عن كل ما رصدته، للحفاظ على نفسك وللحفاظ على مجتمعك وأبناء وطنك، جميعاً مسؤولين، لنعيش ب صحة وسلامة، آمنين الفاقدين ولا مفقودين، يتوجب علينا الوقاية والحس المسؤول..

نعود وبحذر

نعود للحياة من جديد وبحذر، نعم بحذر شديد لأن هذا الفايروس ليس لديه مقاييس في اختياراته للإصابة، فأنه يصيب من يشاء، ومن يراه في طريقه، وطالما البقاء في المنزل هو الأمان لك ولأسرتك، فأبتعد بقدر الإمكان هذه الفترة واشتر صحتك وصحة أسرتك، فلا شيء يعوض ما قد يفوت لامبال ولا بأي ثروة كانت.. وأنت الثروة الحقيقية لكل وطن وبلاد..

العودة بحذر تعني أننا نعود بوقاية ووعي أكبر من السابق، أننا نعود محملين برسالة التباعد الاجتماعي والحيطة والحذر والوعي التام، لأننا أصبحنا على معرفة وقدرة استيعاب ما شاهدناه وما تعلمناه خلال الشهرين المنصرمين، وأننا استوعبنا حجم الخطر، وحجم الضرر، وحجم فقدان الأرواح، لا يعني أننا نعود لـ نزهة بحرية ونزهة برية واختلاط تام قد يؤدي لمهلكة عظيمة لكل من تخالطه، ويضعف اقتصاد وطننا ويؤخر التطور والتنمية والسياحة والترفيه والعودة للحياة الآمنة والمستقرة كما السابق قبل جائحة كورونا كوفيد 19..