آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

هل في قراءة الروايات من فائدة؟

يوسف أحمد الحسن *

ليست هناك إجابة واحدة عن هذا التساؤل الذي قد يقود إلى درجة من التعميم. فبينما قد ينخرط القارئ في رواية من عدة مئات من الصفحات لا يستفيد منها شيئا لا من حيث فكرتها ولا أجواؤها ولا حتى مفرداتها، هناك من الروايات من يتوفر على كم هائل من المعرفة في بعض الجوانب الفكرية أو العلمية واللغوية ما قد يفوق بعض الكتب المتخصصة. حتى إن بعض الروايات من يعلم التكنولوجيا، وبعضها يعلم حب الحياة والطبيعة وبعضها يعطي معلومات جغرافية ثرية ورائعة ويغطي حتى جوانب من الحياة السياسية في بعض الدول. وهناك من الكتاب من يحكي قصة حياته وكفاحه على شكل رواية خشية بطش سلطات بلاده، ومنهم من يدعو بشكل غير مباشر إلى التمرد السياسي والثورة على الظلم دون أن يصرح بذلك. كما أن روايات الخيال العلمي ساهمت ولا تزال في إطلاق العنان للفكر الإنساني من أجل مزيد من الاختراعات التي تثري حياة البشرية وتجعل غدها أفضل من يومها، وساهمت بعض الروايات العالمية والشهيرة في كبح جماح الحروب وتخفيف نزعة الشر لدى الناس وتعزيز حالة السلم في نفوسهم. وهناك من الروايات ما يطرح وبعمق بعض القضايا الفكرية وحتى الفلسفية في صيغة رواية، حتى إن عالم النفس المعروف فرويد تأثر في كتابته لنظرياته وأفكاره بالروائي الروسي دوستويفسكي كما اعترف هو نفسه بذلك.

وتساعد قراءة الروايات بشكل عام في تحسين الذكاء العاطفي والتعامل مع الناس، كما قد تزيد من التعاطف مع الآخرين، بينما كتب البعض حول قدرة بعضها حتى في علاج بعض الأمراض النفسية.

لكن المشكلة في كثير من الروايات أن على القارئ أن يقرأ مئات الصفحات حتى يستفيد مما يرد فيها، وهو ما دفع شايع الوقيان إلى مهاجمة قراءة الروايات والتقليل من أهميتها وذلك في بعض مقالاته وتغريداته في تويتر، حيث قال عنها إنها ليست من الأجناس الأدبية عند العرب، كما توقع لها الفناء كما حصل لأجناس أدبية أخرى كالمقامات والموشحات والرسائل. ويعيد الوقيان السبب في كرهه للروايات إلى «تكويني الفلسفي والمنطقي. فالروايات تعبر عن الفكرة في مائة صفحة أو أكثر... ولكن الفلسفة تعبر عن الفكرة في جملة واحدة». وهو ما عبر عنه كاتب آخر «لا أتذكر اسمه» بقوله: إن فائدة قراءة الروايات هي مثل استخراج كوب عصير من عود طويل من قصب السكر!

ولا أعتقد بأننا نخير القارئ بين المتعة التي قد تمثلها قراءة الروايات، والمعرفة التي قد تمثلها أصناف الكتب الأخرى. فكم من فائدة معرفية جمة في رواية، وكم من سطور تافهة للغاية في بطون كتب لا تستحق الورق الذي كتبت عليه. وليس على القارئ سوف سحب الكتاب الذي يستهويه والشروع في قراءته، رواية كان أو غير ذلك.