آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 6:04 م

فتيةُ الحسين للأعداء - أنتم ثعالب تأكل من شجرةٍ ملعونة!

المهندس هلال حسن الوحيد *

فتياننا وصغارنا اليوم في رقَّة الوردِ ونعومة الحرير، فحتمًا تشرد الراحةُ والسعادة من بالنا لو فكرنا وتخيلنا أن حمى قد تصيبهم أو ينتابهم مرضٌ عارضٌ ويزول. إذًا كيف يكون شعورنا لو توزعتهم النصال والسهام؟ مع أني محرجٌ إذ جرحت سويداءَ وحَبَّات قلوبكم بسؤالٍ غير لائق!

لكنني أحببتُ أن أنظر بعيونكم من نافذةِ التاريخ التي أطلَّ منها فتيةٌ في نعومة الورد صحبوا الحسينَ سنة 61 هجرية من المدينة إلى كربلاء، وكانت لهم آمالٌ ورغبات، لكنهم ملكوا عزائمَ من حديدٍ لا يفل وشجاعةً لم يعرفها كبار الرجال ونظرةً لم يعتريها الخطأ.

لم يروا أنفسهم ضحايا وغرضًا للنبال والرماح دون جريرة، بل أيقنوا أنهم جزء من قاطرة إصلاحٍ كبيرة كانوا قوةَ دفعها نحو وجهتها. ولم يراهم الحسين قتلى، بل قرابينَ وأسلحة خَلُدَت في التاريخ وجلبت النصر.

رأى العدو الغاشم هؤلاء الفتية ظباءً طريةً يصطادها ويتسلى بها، ولم يدرك أنهم أشبال نسلتهم أسود يرون الأعادي ثعالبَ مكارة يمكنها الكر والفر، ولكن يمكن اصطيادها. نعم، أخيرًا اصطادت الثعالبُ الأسود بسبب كثرتها وفتكت بها، لكن ليس قبل أن تؤذيها الأسود وتضعفها وتقتلها بموتهم خالدين.

ومن بقي من الفتيةِ الصغار والفتيات حمل الكلمةَ والظُلامة في التاريخ، وكان يخطب في مجاميع الناس وكأنهم دمى لا وزن لها، فهي حقًّا سلبت من نفسها كلَّ وزنٍ وقيمة كانت تملكها. وهكذا إذًا حمل الفتيةُ والفتيات مشاعلَ النصرِ ملفوفةً تارةً في السيف، وتارةً في الإعلام ليعرف الناس أي الفريقين انتصر!

هؤلاء الفتية والفتيات كانت لهم أمهاتٌ وآباء يحلمون بأن يكونوا كبارًا في المستقبل يلدون أحفادًا لهم، بينما كانت المشيئة تخطط لهم أن يكونوا من صناع النصر ويكتب لهم الخلود الأبدي، فطوبى لهم.

فتيةٌ تركوا دنيا مغرية واسعة ضاقت بأرواحهم، وذهبوا إِلى نعيمٍ لا يفنى، مثلهم مثل أهل الكهف الذي هربوا من ضيقِ الدنيا إلى سعة الآخرة فزادهم ربهم هدى ”نَّحْنُ نَقْصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا برَبِّهِمْ وَزِدْنهُمْ هُدىً“.

فتيةٌ يولدون مطلع كل سنةٍ هجرية ولا يكبرون، فهم باقون يحملهم التاريخ على خيوله ذكورًا وإناثا في أعمار ما دون العشرين، حميَّة ومروءة ونجدة، تتقادم الأيام يومًا يوما وسنةً سنة، وقرنًا بعد قرن فليباركهم الله ويباركنا اللهُ بهم...

مستشار أعلى هندسة بترول