آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

كيف نقرأ كربلاء

عبد الله حسين اليوسف

دار حوار بيني وبين أحد المتنورين ولكنه لايحضر مجالس العزاء والمواساة لأبي عبدالله .

قال لي: أنت تحضر الكثير من المجالس هل تستطيع أن تذكر لي أهم ماجمعته من معلومات حول كربلاء المقدسة حينها قلت في نفسي لابد أن اذكر له موقفا إنسانيا واجتماعيا ونماذجا من عطاء كربلاء وتكون قريبة من عقله وتفكيره حول النهضة المباركة.

وبدأت حديثي بهذا العنوان..

كيف نقرأ كربلاء

الحفاظ على العهد:

لقد عاش الإمام الحسين في عهد معاوية بعد شهادة الإمام الحسن ولم يثر أو يغير لكن هل التزم الطرف الثاني بأحد شروط الصلح أنه إذا مات معاوية لا يولي أحدا إنما تؤول الخلافة إلى الإمام الحسن إذا كان موجودا أو إلى الإمام الحسين من بعده

البيعة أم القتل:

كيف تطلب البيعة من الإمام وهو بحكم الاتفاق هو من تجب مبايعته؟

كيف قرر الإمام الذهاب إلى مكة وترك المدينة؟

هذا السؤال يحتاج إلى معرفة طبيعة المدينة المنورة ومكة المكرمة من حيث الاحترام والتقدير والأمن الأمان ومن حيث أنه كان يريد الإعلان في مكة عن الثورة والنهضة ليكون لها وقع في النفوس وتأثير.

واختيار الخروج من مكة يوم التروية استعدادا لوقفة عرفات احتجاجا فإن لم أجد الأمان في بيت الله ولا الاحترام للمقدسات فلابد من الخروج إلى أرض الشهادة.

احترام وتلبية الدعوة:

استحباب إجابة دعوة المؤمن والمسلم حتى لوكان فيها ضرر يعتد به فكيف إذا أتتك رسائل عديدة تطلب الاستغاثة بك

أرسل رسولا وأخذ بمبدأ التحقق من القوم وأرسل الرسائل إلى المدن والحواضن الشيعية يخبرهم فيها عن قدومه واختار أفضل من يمثله دبلوماسياً مثل مسلم وقيس بن المصهر والرسل إلى البصرة وغيرهم

الاهتمام بالحيوان:

من بداية المسير إلى كربلاء وهو يرعى الحيوانات ويوفر لها الطعام والشراب ولا يثقل عليها بالمسير حتى عندما التقى مع جيش الحر طلب من أنصاره أن يشرب الرجال وترشف الخيل ترشيفا

حتى عندما وقف الإمام الحسين مع حصانه على المشرعة وأراد شرب الماء ولاحظ أن الحصان يريد أن يشرب امتنع الحسين من الشرب وقال للحصان أنت عطشان وأنا عطشان وقدم الفرس على نفسه لشرب الماء....

كبار الشخصيات:

احترامه وتقديره لمن يكبره سنا كاحترامه لحبيب بن مظاهر ومناداته ياعم ياحبيب واحترامه لشيبته واهتمامه به وجعله على الميمنه وزرهير ابن القين على الميسرة حتى عندما نالا الشهادة وقف عليهم وأبّنَهم

مع الأعداء:

عندما التقى بالحر الرياحي وحان وقت الصلاة لم يفرض عليه الصلاة خلفه بل قال للحر أنت تصلي بأصحابك وأنا أصلي بأصحابي لكن الحر أجابه قائلا نصلي بصلاتك يابن رسول الله ﷺ

وبعد الصلاة عرض عليهم الكتب والرسائل وشرح لهم موقفه وعندما ضيق عليه الحر لم يستجب له وهنا تم الاتفاق على الاقتراحات التي أبداها الحر: أن لايرجع للمدينة المنورة أو يدخل الكوفة بل يأخذ طريقا ثالثا غير الجادة.

الموقف الإنساني:

كان له موقفا مع أم المؤمنين أم سلمه رضوان الله تعالى عليها حيث طيب خاطرها بإعلامها أنه ذاهب لنيل الشهادة وإخبارها بتفاصيل ذلك مع الطفلة حميدة ابنة مسلم بن عقيل حيث حن عليها وأخذها إلى جانبه ليخبرها باستشهاد أبيها مع ابنته رقية حيث كان يحنو عليها كلما فرشت سجادته للصلاة مع سكينة حيث أعطاها بعض الأسرار ومنها السلام على شيعة آل محمد

تقريب الخيام من بعضها البعض وطلب التستر من النساء واتباع الإمام زين العابدين كإمام مفترض الطاعة وعمل طوق وخندق حول الخيام وإشعال النار فيه حماية من الأعداء وتفقد التلال والخضاب ليلا وتنظيف ماحول الخيم من الشوك تمهيدا لهروب النساء والأطفال حتى لا تؤذى أقدامهم مع السيدة زينب وهي خير مثال للمرأة وكيف جعل منها محورا أساسيا لبقاء ثورته إعلاميا ونقل الظلامة والأهم في الأمر هو المحافظة على إمام الزمان الإمام زين العابدين فكانت هي من سجلت نصر الدم على السيف

مع العبيد والموالي:

حيث سجل جون ووهب الأنصاري وغيرهم من شهداء الطف طيب الرائحة وبياض الوجه بنيل الشهادة ووسام أنصار الحسين

مع الأطفال والشباب:

مع القاسم وعلي الأكبر حيث ضحى بابنه الذي يعد جوهره فريدة وابن أخيه النسمة والوردة الزكية.

مع أبناء مسلم حيث طلب منهم الاكتفاء بدم مسلم فرفضوا ذلك حتى ينالوا الشهادة بين يديه

مع طفله الرضيع كيف تجلت الرحمة أن يطلب الماء من عدوه لطفله وحاول أن يحرك المشاعر الإنسانية والمروءة بقوله: إذا كان الذنب للكبار فما بال الصغار ولكن الحقد وعمى البصيرة وانعدام الإنسانية أدى إلى تسديد السهم الغادر إلى الطفل الرضيع

مع أحد الشباب الذي لم يبلغ الحلم وكان أبوه قد قتل في المعركة حينما طلب منه الرجوع لكن الشاب أجابه قائلا: إن أمي هي التي ألبستني لامة حربي. فقال له لا أكون أبخل الثلاثة أي أنك تريد النصرة وأمك تريد لك الشهادة وأبخل عليك بذلك.

مع المرأة التي أرادت القتال فردها إلى الخيام قائلا: فرض الجهاد على الرجال وعلى النساء جر الذيول

بداية الحرب:

قال إني أكره أن أبدأهم بالقتال إلا إذا تم الاعتداء علينا فسأدافع عن ناموس الحق

الصبر والتحمل:

حيث تحمل وصبر على العطش وصبر على رؤية عياله عطاشى وتضحيته بأخيه أبي الفضل العباس ليأتي بالماء مع أنه لا يستطيع فقده

التسامح وقبول التوبة:

قبوله لتوبة من جعجع به وروع نساءه وأطفاله عندما طلب منه العفو والمغفرة ومن عليه بذلك والشهادة تكفيرا لذنبه وهو القائد البطل الحر بن يزيد الرياحي.

موقفه مع الأنصار:

حيث طلب منهم الرحيل ليلة العاشر وخيرهم بين البقاء والرحيل قائلا: اتخذوا الليل جملا فأنا المقصود بالقتل فهم لا يريدون غيري.

قتال الإمام:

قاتل الإمام الحسين قتال الأبطال وكان يتحسر على القوم كيف يدخلون النار بسببه

رأفته ورحمته:

حيث عرف بنفسه وحاول إن يؤثر على القوم علهم يتراجعون عما هم عليه حيث ركب ناقة الرسول ﷺ ولبس عمامته وحمل القران الكريم وصاح ليس هناك ابن بنت رسول الله إلا إنا.

عبادته:

كان حريصا على الصلاة حيث طلب منهم مهلة لآداء الصلاة في ثورة المعركة ووبذلك أدار المعركة وكأنه هو المخرج لها ومن بدايتها إلى نهايتها والذي يعرف من أين تبدأ وإلى أين ستنتهي.

وبعدما انتهيت من الحديث والذي كان مختصرا جرت دموع هذا الصديق المتنور وقال متعجبا: كل هذا الزخم الروحي والإنساني والاجتماعي في كربلاء ونحن غافلون عنه لقد حركت مشاعري وجعلتني أدور في فلك هذه النهضة المباركة من بدايتها إلى نهايتها فحقا «إن كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء»

وفي الختام نحن لا نستطيع حصر كل الأحداث والمواقف في كربلاء المقدسة فالقلم يحتار من أين يبدأ وأين ينتهي

سلامٌ على من بكاهُ الجَلالُ

وناحت عليه السما السابعَه

وخَرَّتْ لأجلِ دِمَاهُ العُروشُ

وشمسُ المُصابِ به ساطعَه

الشاعر عقيل اللواتي