آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

حوارية «58» قياس الأحكام على بعض

زاهر العبدالله *

بدأ الحوار بين أكثر من طرف واقتطفنا هذا الحوار

- قال الأول: هناك من يقول بإباحة العادة السرية للفتاة وإن كان يخالفه مشهور المراجع لكنها مثلها مثل المتعة فهناك من يبيحها وهناك من لا يقبلها.

- قال الثاني: هذا الكلام غير مقبول وأتحدى أن يوجد من الفقهاء من يجوز العادة السرية للفتاة والمتعة تختلف عن ذلك فلها أحكامها.

- قال الأول 1: لماذا تختلف فلو قسنا الأحكام فالفقهاء يختلفون في بعضها فلماذا لا يحترم رأيه قياساً بالمسائل الخلافية؟

- قال الثالث إذا سمحتوا لي مداخلة على الحوار

- قال الأول: تفضل أخي زاهر افدنا

- قال الثالث: سلام عليكم ورحمة الله ورحمة الله يا إخوة رأيت حواركم الجميل وهنا سأقف معكم أنا الجاهل بما أعرفه في باب الفقه والأصول ففي الأمور الخلافية الفقهية فإنك تدخل في باب خطير جداً تحت قوله تعالى: ﴿وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا[الإسراء: 36]

حيث يُفني علماؤنا الأبرار أعمارهم خوفاً أن يفتوا بغير علم ولذا فإن الطريق الآمن في هذا الباب هو ما أشار له الإمام الصادق في مقبولة عمر ابن حنظلة حيث يقول: ”الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما كي تبرأ ذمتك فقد ورد في الحديث..“

رواية عوالي اللآلي المروية عن العلامة، المرفوعة إلى زرارة: ”قال: يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان، فبأيهما آخذ؟ قال: خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر، قلت: إنهما معا مشهوران؟ قال: خذ بأعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك“ [1].

وهنا قاعدة أسسها الإمام الصادق وهي أن الطريق السليم وما يعد آمنا للمكلف في حال الخلاف في معرفة الحكم الشرعي هو أن يأخذ بما اشتهر عند مراجع الطائفة ويترك القول الشاذ النادر منهم هذا في حال الفقهاء المعروفين فكيف إذا كان الخلاف في من اختلف المشهور في فقاهته حتى بعض تلاميذه فالدين يجب أن يكون أعز من أي شخص كان هذا في أخذ الفتوى بالمشهور، والأخذ بفتوى الأعلم فوق الشهرة يكاد يكون هو المسلم بين مراجع الطائفة المتصدين اليوم.

أما بخصوص إسقاط الفتوى بعضها وقياسها ببعض فهذا يحتاج متخصصا سبر أغوار الفقه من الفقهاء ونحن أقل من أن نفعل ذلك فلا قياس بين العادة السرية للمرأة وبين المتعة فهذا الدين لا يقاس بالعقول كما أشار سيد الساجدين علي فعن الثمالي

قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة، ولا يصاب إلا بالتسليم، فمن سلم لنا سلم ومن اهتدى بنا هدي، ومن دان بالقياس والرأي هلك، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم.» [2]

وهناك مناظرة تدلل كيف أن أبا حنيفة يعمل بالقياس وأنكر عليه الصادق .

مناظرة الصادق مع أبي حنيفة في مسألة القياس بين الزنا وقتل النفس وبين الصيام والصلاة للحائض.

ففي دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال لأبي حنيفة وقد دخل عليه فقال له: يا نعمان ما الذي تعتمد عليه فيما لم تجد فيه نصا في كتاب الله ولا خبرا عن الرسول ﷺ؟

قال: أقيسه على ما وجدت من ذلك، قال له: أول من قاس إبليس، فأخطأ إذ أمره الله عز وجل بالسجود لآدم فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فرأى أن النار أشرف عنصرا من الطين فخلده ذلك في العذاب المهين، يا نعمان أيهما أطهر المني أو البول؟

قال: المني، قال فقد جعل الله عز وجل في البول الوضوء، وفي المني الغسل ولو كان يحمل على القياس لكان الغسل في البول. وأيهما أعظم عند الله الزنا أم قتل النفس؟

قال: قتل النفس، قال: فقد جعل الله عز وجل في قتل النفس الشاهدين، وفي الزنا أربعة، ولو كان على القياس لكان الأربعة الشهداء في القتل، لأنه أعظم. وأيهما أعظم عند الله الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فقد أمر رسول الله ﷺ الحائض بأن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ولو كان على القياس لكان الواجب أن تقضي الصلاة، فاتق الله يا نعمان ولا تقس فإنا نقف غدا نحن وأنت ومن خالفنا بين يدي الله عز وجل فيسألنا عن قولنا ويسألهم عن قولهم فنقول: قلنا: قال الله وقال رسول الله ﷺ، وتقول أنت وأصحابك: رأينا وقسنا، فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء. [3]

الخلاصة
ولذا علينا الحذر جداً من الدفاع بغير علم أو الرد بغير علم عن أي أحد كان لأن هذا الموضوع تخصصي بحت في فروع الفروع ودون ذلك درس تخصصي معمق لا يدرك كما يظهر لبعضهم وأنا منهم ولذا أرجو من أحبتنا أن نحرص على أن لا نخوض في تخصص لا نفقه فيه إلا الظاهر، فالحوار في قياسكما في المسألة أن نأخذ حكم المشهور من مراجع الطائفة وهو حرمة العادة السرية للفتاة.

السؤال7: لو ثبت أن المرأة لا تمني فهل يجوز لها عمل العادة السرية؟

الجواب: ليس للمرأة مني كمني الرجل المشتمل على الحويمنات ولكن ثبت بموجب النصوص الواردة عن أئمة الهدى أن السائل الذي يخرج منها عند بلوغ الذروة في التهيج الجنسي بحكم المني في الرجل فيوجب نزوله منها الجنابة وكذا على الأحوط ما يخرج منها قبل ذلك اذا كان كثيراً، والعادة السرية كما هي محرمة في حق الرجل فكذلك محرمة في حق المرأة. [4]

وهذا المشهور عند بقية المراجع العظام.

والحمد لله رب العالمين

[1] فرائد الأصول للشيخ الأنصاري ج 1 ص 297.
[2] بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 2 ص 303.
[3] المصدر السابق ج 10 ص 221.
[4] الموقع الرسمي للسيد علي السيستاني دام ظله