آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

حيّ الجزارين وحيّ المدارس!

ليلى الزاهر *

من جميل السرد القصصي ما قرأته عن قصّة فتى يافع سكن مع أسرته الصينيّة في حيّ للجزارين. لاحظتْ أمّه تقليد ولدها لحركات وتصرفات الجزارين، حيث بدأ سلوكه يتشكّل على نحوٍ مخيف أخاف والديه. ولأن الطفل يمتلك قوة تقليدية كبرى جعل أمّه تدرك خطر الإقامة في حيّ الجزارين وملاحظة أثره في تكوين هويته الذاتية وظهور بعض السلوكيات الغريبة على سماته الشخصية.

تقول أمه:

شعرت بأنني في مشكلة يجب حلّها، في الوقت ذاته اكتشفتُ بأن ابني لديه الاستعداد لمحاكاة السلوك البارز فوق سطح المجتمع؛ لذلك قررتُ توجيه السلوك الاستعدادي عنده وربطه بسلوكيات جيدة يظهر أثرها في دراسته وفي قيامه ببعض الواجبات.

بحثت في الأحياء المجاورة عن سكن مناسب فوجدت ضالتي في حيّ تكثر فيه المعاهد التربوية بالقرب من مدرسة أو أكثر. وانتقلنا للسكن في الحي الجديد لاحظت على ولدي بعد فترة زمنية تقليده لسلوك المتعلمين وطلاب العلم.

لقد أظْهَرت المشكلة التي كنتُ أعاني منها جوانب عديدة من صفات ولدي فقمتُ بتوظيفها بشكل إيجابي بدلًا من الخوف منها أو تهويل أمرها، أو السير في متاهات الحيرة وكل السّبل مشرّعة أمامي للخلاص منها بخبرتي الحياتية الواسعة.

نطمح دائما لحياة مستقرة تخلو من المشكلات نرى ضوءها الساطع بين جوانب الطرق مثل نور الشمس الذي يذيب الجليد لتبدو معالم الكون أكثر وضوحا. وقد لانرى الجانب المضيء في حياة تمتلئ بالمشاكل إلا بعد أن نهتدي لحلّها.

الجميع ينظر للمشكلات من جانب واحد فقط من جانبها السلبي فلا يرى سوى ظلها الباهت ولايدرك الجانب الإيجابي لها.

إنّ المشكلة في مدلولها البسيط لديّ هي: عارض قد يزول إذا قُدّر لأصحابها أن يجدوا الحلول المناسبة لها. وقد تلازمهم مدى سنوات أو ترافقهم لبقية حياتهم لأنهم عجزوا عن إيجاد حل مناسب لها.

وهذا العجز يُفسّر بعدة وجوه أهمها العجز الإدراكي العقلي الذي قد يقود الإنسان للبقاء تحت ظلال المشاكل لافتقاره لقوة المنطق العقلي في حلّها.

وبعض المشاكل تتطور لتخرج عن إرادة الإنسان وقدرته وتدخل تحت الإرداة الإلهية وتكون بيد الله تعالى ولن يكون لها حلّ سوى طرْق باب الله المفتوح للتضرع له تعالى بإزالتها عن طريقنا في أجمل نداء منه تعالى: ﴿وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ سورةغافر، آية 60

تُعدّ المشاكل عوائق تحدّ من سير الإنسان في طريقه المستقيم نحو الحياة الطبيعية بل تقف سدا منيعا عند حدود النجاح فلا نجتاز الطرق المقفلة إلا بحلّها.

والدليل الإرشادي لحلّ كل مشكلة هو الإيمان المطلق بأن هذه المشكلة التي أرّقت حياتي إلى زوال ولن تطول إقامتها في حياتي مادمتُ في الطريق الصحيح لعلاجها وسوف أردد دائما:

أن مشكلتك هذه لها فضلها الكبير عليك لأنها وبسببها عانقت خبرات عديدة وفتحت نوافذ متعددة عاينت من خلالها تنشئة جديدة لك، وقاومت بها الخمول الذهني لأنها أعملت فكرك الإبداعي ولم تهمله وأبرزت قدراتك في اجتيازك بحور الضعف لشطآن القوة والخبرات المتجددة في حل مشكلات مشابهة.

والهروب من المشكلة هو واحد من الأسلحة الفاشلة التي توقعك في فخ الراحة وتقترب بها إلى معنى البلادة الفكرية فتزجُّ بك في قوقعة لاتستطيع الخروج منها للمواجهة أبد الدهر.

اخترْ أن تكون أحدهم:

من يحلّ مشكلة ويصنع مشكلة أخرى أو من يحلّ مشكلة بالوصول إلى نجاح عظيم. أو من يهرب من المشكلة فينتج عنها مشكلات لا حلّ لها.