آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

القوة والعقل

عبد الرزاق الكوي

العالم يشهد تقدما شبه عام في جميع أموره الحياتية من تكنولوجيا ووسائل اتصال وصل للفضاء اهتم في في أمور كثيرة تسهل اموره الحياتية الخاصة ورفاهيته ونسى الأهم من حوله وهو الإنسان، فكل ما يتعلق بحياة وسلامة الإنسان وعيش كريم في تراجع مستمر إلى حده الأقصى، قمع للحريات وانتهاك لحقوق الانسان، تتزايد فيه عدم الثقة بغدا أفضل فالأمور تتسارع للتراجع في كل ما يختص برقي الإنسان وتحضره من الناحية الإنسانية، وأن يعيش حياة كريمة، فالحرب الباردة انتهت على الورق وأتت بعدها حروب ساخنة، يذهب من جراءها الملايين من الضحايا واضعافهم من المشردين والنازحين، ومن كتب له النجاة من القتل والتشريد فيقتله الفقر والجوع والقهر لما وصل له حاله في قرن يدعي فيه حقوق الانسان، لم يشاهد هذا الحق الا في وسائل الاعلام او عندما يراد أن يتدخل في شؤون دولة أخرى تكون الحجة الواهية ان تلك الدولة تنتهك حقوق الإنسان، ما يعني كلمة حق يراد بها باطل، وعلى الخريطة الدولية دول مثل ميانمار ومن على شاكلتها الكثير لم تجد إلا مجرد شجب واستنكار والشعب المسلم يتعرض إلى إباده، رئيسة دولة ميانمار تحصل على جائزة نوبل للسلام، وأفغانستان وسوريا والعراق ليسو ببعيد، هذا هو واقع الحال في عالم اليوم بشكل عام والعالم الثالث بشكل خاص.

فلا الاشتراكية والشيوعية أوجدت حياة كريمة للعالم ولا الرأسمالية الجشعة أعطت أمل بغدا أفضل للبشرية، فالايديولوجيات السابقة والحالية أعلنت فشلها في تقديم نموذج يكفل حياة تتوفر فيها أبسط حقوق الانسان للعالم، يفسر هذا الأمر الضروري حسب أهواء ومصالح سياسية، فالرأسمالية لم تنقد نفسها وخير شاهد ما حصل بسبب الوباء وما أصاب دولة رئيسية في الإتحاد الأوربي وهي دولة إيطاليا وكيف تخلى عنها الإتحاد وأوشكت على الخروج من الاتحاد كما خرجت بريطانيا، ولم يساعد إيطاليا إلا عدوهم المنافس لهم روسيا والصين، وبسبب ذلك تم إنزال علم الإتحاد الأوربي وإحراقه ورفع أعلام روسيا والصين، فإذا كانت العلاقة بين دول الإتحاد الأوربي وصلت الى هذا الحال من العلاقة فكيف بعلاقتهم مع العالم الثالث، مما يكشف عن زيف الايدلوجيات التي يتشبثون بها إعلاميا وليس على الواقع، والعالم يحتاج إلى منقذ حقيقي ظاهره مثل باطنه، ينقذ العالم من مظلوميته، وباء كورونا كشف ما كان مستور وكشف ما تبقى من عورة، عالم لم يعدم فيه نوع من التكاتف ولا قليل التكافل فقد بلغ حده الأدنى، ظهرت على السطح المصالح الخاصة والعمل بالوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق المخططات من أجل مزيد من السيطرة على مقاليد العالم، المرض الأشد فتكا هو المؤمرات التي تحاك للشعوب، يتأثر عالم اليوم بكل شيء الا الإنسان المغلوب على امره المنتهك في حقه ولقمة عيشه أصبح هذا المستضعف ناسيا لحرياته وحقوقه يرغب في لقمة عيش تسد رمقه ومنزل يقيه الذل والهوان وهو يشرد من مكان إلى آخر، تتلاقفه المصائب من كل حدب وصوب، سالت دماء بريئة وكريمة بسبب الأطماع والجشع وعدم الرحمة وانعدام الإنسانية، والإعلام المضلل المسيطر عليه من قبل الدول الكبرى يطبل من أجل حقوق الإنسان وهو عدوها اللدود.

العالم مهدد ليس فقط بسبب وباء كورونا، بل هناك اخطار محدقة بالإنسانية بفعل أعداء الإنسانية، فالإنهيار البيئي والتغيرات المناخية والحروب النووية، والإنفجارات البركانية والأوبئة والفيروسات كلها اخطار من فعل الإنسان.

إن ما يهدد المجتمعات وإندحارها بسبب ما تبتلى به من أمراض، فالأمم والحضارات تصاب بالشيخوخة والمرض بفعل عوامل اللعب بالطبيعة وانتشار الفساد في جميع نواحيه.

انتهى القطب الشيوعي رغم قوته وجبروته وانتشار ايدلوجياته في أنحاء العالم، كم انتهت حضارات وقوى وامبراطوريات عظيمه من قبله، كانت أكثر قوة وأطول عمرا وأكثر انتشارا، وخير شاهد وقريب السلطنة العثمانية التي انتهت في القرن العشرين، سيطرت على مقاليد مساحات شاسعة في قارات مختلفة، واليوم عالم القوى العظمى يحارب في كل الاتجاهات وفي آن واحد يجمع من حوله الأعداء ويتفرق عنه القريب والبعيد، يتجه الى الشيخوخة والهرم لا محالة، وليس حالة شادة عن من سبقه حينما ضل طريق الصواب وتغطرس بقوته العسكرية، فاليوم الإنفاق العسكري على أشده، والعالم يضج بفقراءه ومحروميه، يقتل الإنسان في أصقاع الأرض، ويفتك على ما تبقى الأمراض، ان التعقل هو المفقود في عالم اليوم، فلا تقيد بمواثيق دولية، ولا التزام بمعاهدات أممية، المفعل هو التدخل في شؤون الآخرين، يبقى الخطر الحقيقي أن تستخدم العضلات في موضع يحتاج إلى قوة العقل..

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 18 / 10 / 2020م - 10:05 م
لا تستغرب إذا تغنى هؤلاء الطواغيت بحقوق الإنسان،
هؤلاء أتباع نظرية " الغاية تبرر الوسيلة "، تارة يرفعوا لواء حقوق الإنسان في جهة إذا إقتضت أنانيتهم ذلك، وتارة أخرى يقوموا بدعم الطواغيت والتستر على أفعال الفاسدين المفسدين في جهة أخرى، هؤلاء لا أمان لهم. نعم وألف "نعم" لأهل المبادئ والقيم، وألف " لا" لغيرهم ..!!..