آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

محمد لمن رسموه أنا لكلِّ الناس!

المهندس هلال حسن الوحيد * هلال الوحيد

جاءَ في خاطري أن أقدم قليلاً من الشكر للنبي الأكرم محمد صلى اللهُ عليه وآله في شهر ربيع الأول، شهر ولادته، فبحثت في الأشعار التي قالها الفصحاء والبلغاء الماضين والمعاصرين من أجلِ أن أقتبسَ منها. فعلاً، كان فيها الكثير من الجيد، لكن لم يعجبني شيء كما أعجبتني آيتان رائعتان في الجمال قالهما ربُّ محمد ﷺ يمدح فيهما محمداً ﷺ في لغةٍ غريبة وعجيبة!

آيتان فيهما بيان حالة الكمال الإنساني والحس الرهيف لهذا النبي ﷺ، حيث أحبَّ هدايةَ الجاحدين والكافرين وأراد إنقاذهم حتى كادَ أن يُهلك نفسه، ولم يكن فقط يجد نفسه معنيًّا ومهتماً بمن اتبعوه وأسلموا. فلا غرابة لو كان في الدنيا اليوم لنادى فيمن رسموه أو شتموه بما لا يليق في شهر مولده: تعالوا فأنا أيضاً أصلِّي وأشقى من أجلِ هدايتكم.

طه* مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى: لا تُثقل يا محمد ﷺ نفسك بالمزيد من الجهد الذي يفوق طاقتك في تأدية الرسالة، ولا تعش الحالةَ النفسية الصعبة في مواجهة الجحود والنكران الذي يقابلك به الكفار والمشركون. فكم من الألمِ والحسرة والشقاء والتعب كابد هذا النبي ﷺ في أداء مهمته حتى نزلت هذه الآية؟! مع أنه بإمكانك أن تقومَ بدورِ المبلِّغ الذي يدعو ليسمعَ الآخرون وعليهم أن يتحملوا المسؤولية رفضاً أو قبولاً، فلماذا أنت يا محمد ﷺ إذاً تتألم وتتحسر وتشقي نفسكَ أكثر مما هو مطلوبٌ منك؟!

فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً: يا محمد ﷺ أنت تعيش الألمَ والحسرة أمامَ إعراض المشركين عن القرآن وعن الإسلام! وربما تؤدي هذه المشاعر السلبية الضاغطة إلى هلاكك إذا امتلأت روحك بالأسى والأسف لأنهم لم يستجيبوا لدعوة الإيمان بك!

آيتان اختصرتا كلَّ فرائدِ القصائد والمدح؛ فيا من أصرَّ على هدايتنا وإرشادنا لك منَّا كل المسلمين خالصَ الشكرِ والثناء والمدح ولم أجد أفضل من الشكر الذي قدمه لك ابن عمك الإمام علي بن أبي طالب «ْع» في قوله: ”صَلِّ اللّهُمَّ عَلَى الدَّليلِ اِلَيْكَ فِي اللَّيْلِ الأَلْيَل، وَالْماسِكِ مِنْ اَسْبَابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الأَطْوَل، وَالنّاصِعِ الْحَسَبِ في ذِرْوَةِ الْكاهِلِ الأَعْبَل، وَالثّابِتِ الْقَدَمِ عَلى زَحاليفِها فِي الزَّمَنِ الأَوَّل، وَ عَلى آلِهِ الأَخْيارِ الْمُصْطَفِيْنَ الأَبْرار“.

مستشار أعلى هندسة بترول