آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

خمسُ أخوات افتتن بهنَّ محمد (ص)

المهندس هلال حسن الوحيد *

بحثت عمَّا أحبَّ النبيٌّ محمد ﷺ في حياته، فوجدته ذاب في عشقِ أخواتٍ خمس. هنَّ أجمل ما خلق الله، لكن أجملهنَّ وأحلاهنَّ أقصرهن! وهي التي تزور في الظلام أوائلَ الفجر حين يحلو النوم وتكون الأحلام في أوجها. تستعجل الزيارة، فوقتها قصير وهي لا تصحب أيًّا من أخواتها اللاتي قد يأتينَ دونها مثنى مثنى، فإذا بها تزور وتقطع الأحلام وتحولها إلى حقائق! الأخوات الأربع أيضاً من أبدع ما خلق الله، لكن صاحبةَ الفجر تُعبي وتشحن لذَّات الروح والجسد. هي أكثر الأخواتِ امتحاناً لمن يستيقظ وينتظرها عندما يكون العالم في سباتٍ وراحة، فلا بشر يستيقظ في هذه الساعة من النومِ الحلو في كلِّ بقاع العالم ليوافيها في موعدها إلا من أسلمَ وجهه لله.

وقت لقاء الأخت الصغرى هو وقت استيقاظ الحياة كلها، فذاكَ بعدها يعمل وذاك يبيع وذاك يفلح الأرض وذاك يسقي الزرع. هو الوقت الذي تصحو فيه كلُّ الكائنات من هجعتها وراحتها، ويستعد المسافر للسفر، وهو الوقت الذي للهِ فيه فَضل يقسمه بين العباد من الفجرِ حتى طلوع الشمس.

وقبل أن يشتبهَ عليك الأمر وتظن أنهنَّ نساء - لا سمح الله - فتكون من الخاطئين؛ إنهن الصلوات الخمس اللاتي في انخفاض درجات الحرارة وانطفاء بعض ضوضاء الصيف ينساب صوتُ المؤذن الداعي للصلاة الأولى فيقطع الخطَّ الفاصلَ بين الليلِ والنهار، ويحيل أحلامَ الفجر إلى حقائق ويقرر أنَّ لكلِّ شيءٍ نهاية، فما الحياة الدنيا إلا وثبة قصيرة في الزمان بين موتتين. بضع كلمات تخبرنا أنها جاءت وتَحرك الكونُ في الأذان بدأً بكلمة ”الله“ وباسمه وانتهاءً أيضا باسمه ”الله“. فما يبتعد الإنسان عن واحدةٍ من هذه الأخوات إلا في انتظار ما بعدها، وينساب هذا الصوت الداعي رقراقاً عذباً أن عودوا لخالقكم.

يا سبحان الله! ما السر في الصلاة؟ حتى يوصي اللهُ النبيَّ عيسى بها: ”وأوصاني بِالصَّلاة“، وافتتن بها النبيُّ محمد ﷺ وقال عنها إنها قرة عينه، وإن الرحمة تنزل على المصلي من أعنانِ السماء إلى أعنانِ الأرض وتحف به الملائكة ويناديه مَلَك: لو يعلم هذا المصلي ما في الصلاة ما انفتل.

في أي حال، علمنا السرَّ أم لم نعلمه فطوبى للبشر؛ جميع ذرات الكون تسبح بحمد ربها وتظهر عظمته في معانٍ غامضة، إلا البشر فهم يظهرونَ عظمةَ الخالق وينزهونه بألفاظٍ ومعانٍ وأفعالٍ صريحة وواضحة؛ وأفضل من عرف هذه الأسرار والمعاني هو النبي محمد ﷺ.

مستشار أعلى هندسة بترول