آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

ترامب.. التزوير

محمد أحمد التاروتي *

يصر الرئيس الأمريكي ترامب على رفض الاعتراف بالهزيمة، ويواصل تصريحاته بعدم الإقرار بنتائج الانتخابات، انطلاقا من ”ادلة“ دامغة بحدوث عمليات تزوير واسعة النطاق، وادخال بطاقات غير شرعية لصالح منافسة ”بايدن“، مما يجعل عملية الانتقال السلمي للسلطة بالإدارة الامريكية، موضع تساؤل على المستوى العالمي، لاسيما وان الاقرار بالهزيمة تمثل الخطوة الأساسية، لتسليم السلطة في الموعد المقرر.

انتهاج الرئيس ترامب سياسة ”العناد“، والإصرار على الترويج لممارسات غير قانونية، مارستها بعض الأطراف للتلاعب باصوات الناخبين، في العديد من الولايات الامريكية، يهدف لمحاولة تكريس ثقافة ”المؤامرة“ لاثارة العوطف لدى قاعدته الشعبية، خصوصا وانه يحظى بشريحة واسعة من الشعب الأمريكي، من خلال ارقام الأصوات التي حصل عليها والبالغة 70 مليون ناخب، الامر الذي يكرس هذه ثقافة ”المؤامرة“ في الوجدان الاجتماعي الأمريكي، بهدف احداث انقسامات كبرى ستبقى تداعياتها، في البيئة الاجتماعية لفترة قادمة.

خطورة رفض ترامب الإقرار بالهزيمة، تكمن في تكريس مبادئ ومفاهيم جديدة على الساحة الامريكية، لاسيما وان الانتخابات السابقة تتعامل مع اللعبة الديمقراطية كونها ”ربح وخسارة“، مما يجعل كافة المترشحين للرئاسة في المعارك الانتخابية، يتقبلون قرار الشعب، وبالتالي فان محاولة الوقوف امام خيار الناخب يعطي دلالة غير إيجابية، على طبيعة توجهات ترامب بشأن التسليم لقواعد اللعبة الديمقراطية، الامر الذي يسهم في تأجيج المشاعر لدى بعض القواعد الشعبية المؤيدة، فيما يخص بالاعتراف الخسارة في الانتخابات الرئاسية.

محاولة ترامب التلاعب بالحقائق عبر التواري خلف ”التزوير“، والادعاء بحدوث تلاعب كبير وفاضح باصوات الناخب الأمريكي، ستبقى غير قادرة على الوقوف في وجه التيار الجارف، لاسيما وان النظام المؤسساتي الحاكم في الولايات المتحدة، سيقول كلمته في نهاية المطاف، من خلال التصديق على نتائج الانتخابية، مما يجبر الرئيس ترامب على التسليم بالوقائع، والإذعان للقانون واتخاذ الخطوات العملية بخصوص الانتقال السلمي للسلطة، خصوصا وان الكثير من الدعاوى القضائية التي رفعها للتشكيك في صحة نتائج الانتخابات، رفضت لدى المحاكم في بعض الولايات الامريكية، نظرا لعدم تقديم دلائل ملموسة بخصوص التلاعب بالاصوات، او وجود مخالفات واضحة عبر ادخال بطاقات غير قانونية.

إصرار الرئيس الأمريكي على ”الفوز“، محاولة للتعلق بقشة للنجاة من الغرق، لاسيما وانه وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه، من خلال التصريحات المبكرة المتعلقة بتحقيق الفوز، مما يجعله يواصل ”العناد“، في سبيل الحفاظ على ماء الوجه أولا، والاستناد على القواعد الشعبية الجارفة في التأثير على سير الانتخابات ثانيا، خصوصا وان خطابه ”القومي“ المحابي للعنصر الأبيض، يجد أصداء واسعة لدى الكثير من الشرائح الامريكية، وبالتالي فان ترامب يتحرك بالاستناد على هذه القواعد الشعبية، لمواصلة سياسته ”أمريكا أولا“، باعتبارها السلاح الفعال للحصول، على التأييد لدى بعض الشرائح الامريكية.

الثقافة التي يستند عليها ترامب، تدفعه للسير حتى النهاية في رفض الوقائع، خصوصا وانه يجد في الوقوف بعكس التيار متعة لارضاء الغرور الذاتي، الامر الذي يتمثل في رفض جميع النصائح المقدمة لاقرار بالهزيمة، بالإضافة الى التناقضات المتكررة في مواقفه طيلة الأيام الماضية، فهو يتحرك في الاتجاهات المختلفة، بهدف بث رسائل مشوشة عبر التشكيك في مصداقية وسائل الاعلام، وكذلك في الطعن في مصداقية فرز الأصوات، مما يساعد في الحفاظ على القواعد الشعبية، التي اكتسبها في السنوات الأربع الماضية، بمعنى اخر، فان ثقافة ترامب تدفعه باتجاهات غير متوقعة على الاطلاق، نظرا لغياب الاستراتيجية الواضحة في التوجهات السياسية، وبالتالي فان التعنت الكبير سرعان ينقلب رأسا على عقب في لحمة بصر، مما يضع الجميع في حيرة واستغراب.

كاتب صحفي