آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 3:44 م

الأمر بالمعروف - تغير الأجيال والأدوات

المهندس هلال حسن الوحيد *

سافر للدراسة في الخارج في السابعة عشر من عمره، وعاد بعد أربع سنوات تقريبا، شاباً ليس ممن يصلون النوافل ويأتون بالمستحبات، ولم يكن أيضاً ممن تركوا الصلاة، أو الواجبات. بعد يومين أو نحوه من عودته، رغب في الصلاة في المسجد الذي لا يبعد سوى خطوات عن دارهم، فلبس لباساً لا يلبسه الناس في صلاة الجماعة، أقصر قليلاً بنحو البنطال الذي يصل للركبة، فقد اعتاد أن يلبسه في درجات الحرارة المعتدلة في السفر، فكانت آخر حضورٍ له في المسجد!

وحين دخل، انتحى ناحيةً في المسجد يتصفح الوجوه، الأكبر منه سنا والذين في عمره ولم يرها منذ مدة. وفي هذه الأثناء، رآه أحد المصلين، فبادره بالقول: ألا تستحي؟ كيف تحضر المسجد في مثل هذا اللباس القصير؟ لم يرد الشاب على المصلي، فربما وجد نفسه محرجاً في لباس يختلف عن الآخرين، ولكنه لم يحضر المسجد بعد تلك الأسئلة التي اخجلته. كان من الأفضل أن يلبس ما يلبسه الناس المصلون في المسجد، مع أنه كان يلبس ما يقبله الله في الصلاة، وفقط لأن أحد المصلين رأى غير ذلك وبأسلوب فج حرمه من حضور المسجد لحين ينسى مفاعيل الهدية ”الرائعة“ ولكن في غلاف منفر بغيض!

لا تظنن أن هذه حادثة معزولة أو فردية؛ بل تحدث كلَّ يوم، في الشارع وفي المنزل وفي العمل وفي كلِّ مكان، حين نرى في أنفسنا حراساً على الحلالِ والحرام، والمستحب والمكروه، ونطلب أكثر مما يطلبه الله، ونقيم أنفسنا وكلاء ونواباً بالمطلق. بينما هي ليست سوى ”حكمة وموعظة حسنة“، نتحسس بها مواطنَ النصح وكيف نهديه لمن يحتاج.

لا يكفي بأن تكون متقدماً في العمر دون أن تملك الخبرة والتجربة الكافيتين لإعطاء التوجيه الصائب لشاب من جيلٍ يختلف كليا في تقبله وانصِياعه للأوامر والنواهي، والنصائح. ولا يمكن إلقاء الإرشاد دون مقدمات ومراعاة اختلاف الظروف والأحوال، فالنصح والإرشاد نحو عملٍ مستحب لا يبيح أمراً سيئاً، وهو إهانة شخص آخر دون مسوغ شرعي.

مستشار أعلى هندسة بترول