آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:12 م

أكثر أنواع مسكنات الألم شعبية في العالم، والتي تصرف بدون وصف طبية، تسبب التسمم بشكل متزايد

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم كارلي كاسيلا

30 أكتوبر 2020

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

راجعه الدكتور منير حسن البقشي، استشاري أمراض الدم والأورام للأطفال، قسم أمراض الدم، مركز أمراض الدم الوراثية، الأحساء، المملكة العربية السعودية

المقالة رقم 370 لسنة 2020

The World"s Most Popular OTC Painkiller Is Increasingly Causing Poisonings

CARLY CASSELLA

30 OCTOBER 2020


 

يعد الباراسيتامول، أو الأسيتامينوفين، أحد أشهر مسكنات الألم في العالم. هذا الدواء يُعرف بأسماء تجارية كالتايلنول Tylenol أو الباندول Panadol أو الإكسيدرين Excedrin، ويمكن استخدامه بأمان شديد لعلاج الأوجاع والآلام البسيطة والحمى على المدى القصير «1».

ومع ذلك، على مدى العقود القليلة الماضية، الجرعات الزائدة غير المقصودة من الباراسيتامول تتزايد في العديد من الدول «2»، ويعتقد بعض الباحثين أن الأمر يتعلق بالتركيزات المتاحة.

تشير دراسة جديدة من سويسرا إلى أن الجرعة العالية من الباراسيتامول تجعل تسميم الناس أنفسهم عن طريق الخطأ أمرًا سهلا حتى لو كان الدواء موصوفاً من قبل الطبيب، وعلى الرغم من أن هذا التسمم لا يؤدي في كثير من الأحيان إلى الوفاة «حيث يوجد ترياق فعال له»، إلا أنه يمكن أن يسبب تلفًا شديدًا في الكبد.

في سويسرا، تحتوي معظم الأقراص التي تُصرف دون وصفة طبية «OTC» على 500 ملليغرام من الباراسيتامول. لكن في عام 2003، طُرح قرص يحوي 1000 مليغرام من نفس المادة يُصرف بوصفة طبية فقط.

في غضون عامين، تجاوزت المبيعات الوطنية لهذا القرص الكبير مبيعات حجم القرص الأصغر منه، وحالياً، وصل حجم مبيعات القرص الكبير الى عشرة أضعاف مقارنة بالسابق.

عند تحليل المكالمات التي تلقاها مركز السموم الوطني السويسري قبل عام 2003 وبعده، ذُهل الباحثون عندما اكتشفوا ارتفاعا كبيراً في الجرعات الزائدة غير المقصودة من الباراسيتامول، ورُبطت معظم هذه الحالات بقرص ال 1000 ملليغرام.

من ناحية أخرى، لا يبدو أن حالات التسمم المقصودة «المتعمدة» تزداد، مما يشير إلى أن الغالبية العظمى من حالات الطوارئ هذه يمكن تجنبها تمامًا.

”إحدى مشاكل الباراسيتامول هي أنه غير فعال لجميع المرضى أو ضد جميع أنواع الألم“ «3»، كما أوضحت آندريا بردن Andrea Burden، أخصائية الوبائيات الدوائية في المعهد الفيدرالي السويسري في زيورخ ETH Zurich.

وأردفت ”إذا لم يساعد الدواء في تخفيف الأعراض لدى شخص ما، فقد يقوم بزيادة الجرعة دون استشارة طبيب متخصص. وهذه مشكلة حقيقية.“

كثير من الناس لا يدركون أن كل قرص باراسيتامول يبتلعها الشخص تتراكم في جسمه، وهذا يعني أن تناول عدد قليل اضافي من أقراص ال 1000 ملليغرام قد يعرضه لاحتمال تناول جرعة زائدة، والتي تتجاوز بسهولة حد جرعة ال 4000 ملليغرام الموصى بها يوميًا للبالغين.

لذات السبب أوصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» بالحد من جرعة البالغين إلى قرصين يحتويان على 325 ملليغرام من عقار الاسيتامينوفين «4»، مع تحذير مكتوب على العلبة حول كيف يمكن لمنتجات الدواء الثانوية السامة أن تتراكم في الكبد، مسببة تلفًا أو حتى فشل الكبد وذلك في عام 2008،

وجد في سويسرا أنه بين الأعوام 2005 - 2008 كانت هناك زيادة بنسبة 40 في المائة في حالات التسمم الغير مقصود، خاصة بين كبار السن والأطفال وذلك بسبب شعبية الدواء.

”على هذا الأساس، يمكننا أن نستنتج أن الأعداد المتزايدة لحالات التسمم مرتبطة بتوافر أقراص ال 1000 ملليغرام“، كما يقول الصيدلاني ستيفان ويلر، المدير العلمي لمركز السموم الوطني السويسري:

ومن المثير للاهتمام أن النتائج تشير إلى أن أقراص ال 1000 ملليغرام لا تحل بالضرورة محل أقراص ال 500 ملليغرام. ولكن، يبدو أن مجموعة جديدة تمامًا من الناس يُوصف لها هذه الجرعات الكبيرة، ربما لأن هذه المجموعة تعتبر مسكنات الألم الأكثر أمانًا مقارنةً بالمواد الأفيونية والمخدرات الأخرى.

هذا مقلق بالنظر إلى الفعالية المحدودة للباراسيتامول للألم الحاد وكذلك للألم المزمن «5». إذا كان الناس يتوقعون أن هذه المادة تسكن ألامهم ولكنها لم تسكنه، فقد يأخذون جرعة اضافية في فترة قريبة جدا «من الجرعة السابقة» مما تم وصفه، وهذا يعرضهم لاحتمال تناولهم الجرعة الزائدة

”نحن ندرك أن علاج الألم تمثل تحديًا، وأن الأدوية الأخرى قد يكون لها آثار ضارة جانبية شديدة“ كما قال بوردن «6».

”ولكن، إذا لم يكن للباراسيتامول التأثير المطلوب، فمن المهم عدم تناول المزيد من الأقراص. ولكن، يجب على الأشخاص استشارة الطبيب المتخصص للحصول على أفضل خيار علاجي.“

لحسن الحظ، 90 بالمائة من المدرجين في الدراسة الذين تناولوا جرعة زائدة تلقوا ترياق الباراسيتامول في غضون 8-10 ساعات، مما قلل من خطر تلف الكبد والوفاة.

مع ذلك، كان من الممكن تجنب معظم هذه الحالات تمامًا. إذا لم يكن الباراسيتامول مناسبًا للألم المزمن، كما يقول بوردن، فإن أحجام العبوات يجب أن تمثل ذلك. ولا ينبغي أن تحتوي العبوة 40 قرصا.

”على الأقل، يجب أن تحتوي عبوات أقراص ال 1000 ملليغرام على عدد أقل من الأقراص“ كما يقول بوردن «3». حتى لو احتاج المريض إلى جرعة أعلى، فقد يكون وصف حبتين من حجم ال500 ملليغرام شيئًا آمنًا له.

في حين أنه من السابق لأوانه تحديد السبب الدقيق لحالات التسمم، فإن خبراء الصحة العامة لديهم بعض الأفكار. فقد يشتبه المرضى ويتناولون أقراصًا ذات جرعة قوية بدل أقراص ذات جرعة ضعيفة، مما يؤدي إلى مضاعفة الجرعات التي تناولوها دون قصد منهم. لو حدث هذا عند الأطفال الصغار، فإن حبة واحدة منها تكفي أحيانًا لأن تضعهم فوق الحد الأدنى اليومي بكثير وتعرضهم لخطر التسمم.

جزء آخر من المشكلة يأتي من عدم التواصل «التحدث» مع المريض. فالعديد من الأطباء والصيادلة لا يعطون الوقت الكافي ليشرحوا لمرضاهم كيف يمكن أن يتراكم الباراسيتامول في الجسم، وكيف يمكن أن يؤثر على الكبد وكيف تكون فعالية الدواء محدودةً عندما يتعلق الأمر بتأثيره على الألم المزمن.

التقليل من هذه الأخطاء أمر سهل، نحتاج فقط إلى لفت الانتباه إلى المشكلة.

تم نشر الدراسة في دورية شبكة الجمعية الطبية الأمريكية المفتوحة JAMA Network Open «انظر 7».