آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

أمطرت السماء - فحمدنا اللهَ أن أعطانا دار!

قطراتُ المطر التي جادت بها السماء يوم أمس يجب أن تكون كافيةً لتذكر من فوق رأسه بيتٌ يحميه أن يحمد اللهَ ويشكره آلاف المرات، إذ لا مانع أن نكون - أنا وأنت - واحداً من ملايين البشر حول العالم الذين يعيشونَ في العراء، دون مساكن.

اعتدنا أن لا نفكر في النعم إلا إذا فقدناها؛ نجوع ونترحم على الشبع، نفتقر ونتذكر الغنى، نمرض فنبكي على العافية، فلمَ لا نشكر الله على النعم قبل ضياعها وفي هذا العالم تذكر الإحصائيات أن أكثر من مائة مليون فرداً يسكنون في العراء، وما يفوق المليار شخص يعيشون في بيوتٍ غير كافية لحاجاتهم؟!

فهذا الله سبحانه وتعالى يقص علينا أن رجلاً كان يملك جنتين فصار يعير صاحبه الفقير من فوق بسبب ما يملك من مال دون أن يحمد الله. أعطاه اللهُ جنتين من الماءِ والكروم والخضرة والنخل ومختلف الزروع، فاستسلم لحالة الرخاء وظنَّ أنَّ كلَّ هذه النعم تدوم. يعير صاحبه الفقير بالمال والأتباع، حتى أنه ظن أنَّ الساعةَ لن تقوم، وإن قامت سوف يحصل في الآخرةِ على أفضل مما كان يملك في الدنيا!

لامه صاحبه الفقير على كفره وجحوده الخالق الذي أنعم عليه ورباه حتى صار رجلا، فأنا الذي تراني فقيراً أشكر الله ولا أشرك به، أما قلة الولد والمال التي تعيرني بها، فما المانع أن يعطيني اللهُ خيراً منها؟ وتصبح جنتك صحراءَ بعد اخضرار، وجافةً بعد ارتواء، فإذا دخلت جنتكَ لا تغتر ولا تنسى أن تقول: ﴿مَا شَآءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .

ثم فعلاً حلت الكارثة وأُحيط بثمره من كلِّ جهة، سقطت سقوفُ وحيطان الجنة، ومات الزرع وأحسَّ الغني بالضياع واستكان يقلب كفيه على ما أنفقَ فيها من ثروة، نادماً على أنه تمرد وأشرك بربه بعد أن ضاعَ كلُّ شيء، فانظر الى ضعفِ هذا الانسان الآن حين تغير المشهد!

قصةٌ حقيقية رائعة قصها اللهُ ي سورةِ الكهف عن رجلين عاشا منذ زمنٍ بعيد، لكن هذين الرجلين قد يكونا أنا وأنت الآن، ذكراً أو انثى، إن لم نشكر الخالق على ما أنعم، وليست خمسين سنة ببعيد حين كان الكثير في منطقتنا يعيشون في دورٍ لا تحميهم من زخاتِ المطر ولا من برد الشتاء، فمن يعطي ضماناً على دورة الأيام؟!

مستشار أعلى هندسة بترول