آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

صالح المولود

علاء محمد المسلم

في صبيحة يوم من أيام الله، وهو التاسع من ديسمبر كانون الأول، وُلد لأبوين مولود إنسان قد وهبه الله تعالى نعمة الحياة ليكون شاهداً على جعل الله في الأرض خليفة.

كان الأبوان سعيدين يملؤهما الأمل، وينظران الى مولودهما وهما يسبّحان الله ويحمِدانه على نعمة الوجود التي من الله بها على هذا الخلق الجديد، ويدعوانه جل وعلا بنيات صادقة، أن يكون طفلهما هذا قرة عين لهما معقِّبين بالصلاة على النبي الأمي وآله ﷺ.

وفي تلك الأثناء، تساءل الأبوان عن اختيار اسم لطفلهما، فكان أول اقتراح لهما هو الإسم ”صالح“، ليعقبه استطراد أحد الأبوين مشاغباً، ماذا لو كان فاسداً!؟ فخيم حينها صمت على الأبوين في لحظة تأمل صادقة، مستذكرين فيها سؤال الملائكة عن خلافة الإنسان في الأرض، ”أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ“.

فالفساد هو التلف والبطلان.

وقد عرفته النزاهة الدولية، بأنه إساءة استخدام القوة المفوضة باستغلالها لمصالح شخصية.

ومايعنينا من تعريف للفساد، بأنه ظلم الإنسان في الأرض بما هو مستخلَف عليه من نعم الله سبحانه.

ومنذ صبيحة ذلك اليوم وأول ليلة بعد ولادة صالح، مافتئ أبواه يفكران في سبل الهداية والرشاد، لوضع أسس تربية تحمي صالحاً من أن يكون فاسدا، فقد أصبح موضوع تربيته همهما الأول وشغلهما الشاغل، فكلما وضعا ترتيبا أو تصوراً لمستقبله، وجدا احتمالية للوقوع في الفساد من وراء ذلك، فخطر الفساد محيط من كل جانب، ومع كل نعمة مودعة من نعم الله سبحانه، سواء في علم، او صحة، او مال، او عمل، او أمانة، او جاه او مسئولية وغيرها الكثير، ففي كل منحى من مناحي الحياة هداية نجدين إما شاكراً وإما كفورا.

إن المسئولية الكبيرة وواجب الرعاية أمام الله سبحانه وتعالى، يحملان تكليفاً على عاتق الأبوين تجاه ابنهما صالح وتجاه المجتمع الذي هو فيه، فهما رقيبان وشاهدان على أعماله، ما اتيح لهما ذلك من بذل جهد ونصح. ومع ذلك، فلاضمانة بأن صالحاً لن يقدم على ارتكاب فساد في نفسه او محيطه، خصوصا مع أعماله التي في خلواته، حيث لارقيب عليه سوى علّام الغيوب جل شأنه.

ومن هنا، اطمأن الأبوان الى أن الوقاية الذاتية بالإيمان الرادع لدى صالح هي اكثر كفاءة في درء الفساد قبل حدوثه ومكافحته قبل وقوعه، وايسر من الإضطرار الى معالجتة بعد اكتشافه.

إن الإيمان بالله ورسوله ﷺ وما أُنزل في كتابه والعمل الصالح وكبح الطالح، فيه صلاح وعدل ونزاهة، كما له جزاء في الدنيا والآخرة، لتكون الجنة هي المأوى، وأن الفساد ظلم وجهالة، وفي الأخرة خسارة.

ومن حينها، حرص الأبوان في كل ليلة، على أن يكون اسم ابنهما صالح ولايتبدل، وذلك بتربيته على أسس من الإيمان بالله والعمل الصالح.