آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

لقاح كورونا

محمد أحمد التاروتي *

تتزامن الموجة الثانية من جائحة كورونا، مع اعلان التوصل الى لقاح مضاد الفيروس، مما احدث حالة من التفاؤل بالقضاء على المرض، خصوصا وان الفيروس القاتل ادخل الاحزان، والرعب في النفوس والبيوت، بمختلف دول العالم، فالمرض استطاع في غضون اشهر معدودة حصد مئات الألوف من الأروح، وإصابة عشرات الملايين، واحدث إرباكا شديدا في المنظومة الصحية، لكافة الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.

بدء رحلة التطعيم، ووصول شحنات اللقاحات، الى العديد من الدول العالمية، مؤشر إيجابي ببدء مرحلة السيطرة على الانتشار السريع للفيروس، مما يعطي امالا كبيرة بعودة الحياة الى طبيعتها، وإعادة منظومة الاقتصاد العالمي لسابق عهده، لاسيما وان الجائحة فرضت إجراءات صارمة، وأجبرت البشرية على انتهاج وسائل متعددة، للحماية من الإصابة بالفيروس، باعتبارها الوسيلة المتاحة للحد من تنامي عدد الإصابات من جانب، وانعدام لقاح قادرة على تقوية الجهاز المناعي، في الجسم البشري خلال الأشهر الماضية من جانب اخر.

السباق المحموم بين شركات الادوية، للتوصل الى لقاح سريع لإنقاذ البشرية، ساهم في تحقيق الإنجاز العلمي اولا، واثبت قدرة الانسان على قهر الامراض ثانيا، من خلال الجهود العلمية والإصرار على النجاح، الامر الذي تمثل في اعلان بعض الدول للتوصل، لامصال قادرة على وقف زحف المرض، مما يسهم في وضع حد لتزايد ارقام الإصابات بعض الدول العالمية، مع انطلاقة الموجة الثانية مع دخول فصل الشتاء، وبالتالي فان اللقاح احدث حالة من الارتياح على المستوى العالمي، لاسيما والجائحة أحدثت الرعب في النفوس خلال الأشهر الماضية.

المخاوف من اللقاح يمثل معضلة حقيقية، لدى مختلف الحكومات العالمية، فوسائل التواصل الاجتماعي تعج بالكثير من المعلومات، تحمل ”الغث والسمين“، حيث تركز هذه المقالات في تشكيك في قدرة اللقاح، على القيام بدوره الفعال، وكذلك بث معلومات حول المخاطر الناجمة عن اخذ اللقاح، الامر الذي دفع بعض الحكومات للاستعانة بالشخصيات العامة، لتبديد تلك المخاوف وتهدئة النفوس، خصوصا وان العزوف يشكل خطورة على حياة البشر من جانب، وتمديد عمر الفيروس من جانب اخر، مما يعطل جميع الخطط لإعادة الحياة مجددا، نظرا لامكانية انتقال العدوى بشكل سريع، جراء فقدان الأجسام للمناعة اللازمة، نتيجة مخاوف غير حقيقية، من اخذ اللقاح لمواجهة الفيروس القاتل.

اثبت الفيروس ضرورة تكاتف الجهود البشرية، في مواجهة العدو المشترك، فبالرغم من محاولة إدارة الرئيس ترامب ”تسييس“ الجائحة، من خلال اتهام الصين بالمسؤولية التام، في نشر المرض على المستوى، والتكتم الشديد من خطورته مع اكتشافه، في بلادها مع نهاية عام 2019، فان المراكز البحثية لم تعط تلك المناكفات السياسية الاهتمام الزائد، حيث انكبت في اجراء البحوث العلمية للتوصل الى لقاح، يعيد البسمة على الوجوه، ويقضي على الكآبة، جراء الخوف من الإصابة بالمرض، نظرا لخطورته الكبرى على حياة الانسان، الامر الذي تمثل في فك شفرة الفيروس، مما ساهم في معرفة طبيعته، وتوفير التركيبة المناسبة لمقاومته، وبالتالي تسجيل انجاز جديد يضاف الى سلسلة الإنجازات العلمية، لاسيما وان المنافسة الشديدة بين شركات الادوية والجامعات، حقق الإنجاز خلال فترة قليلة.

تجربة فيروس كورونا المريرة والصعبة، تمثل مدخلا أساسيا لتعزيز مبادئ التعاون، والتكاتف في سبيل انقاذ البشرية، فالمناكفات السياسية ليست قادرة على تزويد الإنسانية بما يحقق سعادتها، لاسيما وان مصالح الدول تتحرك وفق اعتبارات خاصة، مما يدفعها لاتخاذ قرارات لا تصب في صالح البشرية، وبالتالي فان جائحة كورونا والتداعيات الخطيرة، التي تركتها على صعيد حياة الانسان، تدفع لإعادة التفكير في طريقة التعاطي مع الاخطار الكبرى، والعمل تناسي الخلافات السياسية، والتركيز على انقاذ البشرية أولا، وترك الاختلافات جانبا، فهناك متسعا من الوقت لممارسة اللعبة السياسية، عوضا من استغلالها بطريقة غير أخلاقية، لمكاسب وأغراض غير شريفة.

كاتب صحفي