آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

خارطة طريق الفرح والسعادة

سهام طاهر البوشاجع *

هل جربت أن تنام بعد سماع خبر مفرح وجلست وأنت منتشي تشعر بالخفة والسعادة وتتلمس ملامح وجهك إن كنت في الواقع أم ما زلت نائمًا وغارقًا في الأحلام؟ بل هل ما سمعته من خبر ليلة البارحة أكان حقيقة أم من وحي الخيال؟ الكثيرون قد مروا بهذه التجربة، وبهذا النوع من الفرح نمني أنفسنا دوما، ولا شك أيضا أن مثل هذه الأخبار هي إحدى مفاتيح صندوق الحياة التي يوجد بداخله خارطة الفرح والسعادة التي يبحث عنها الكثير منا.

الفرح والسعادة لغة بسيطة يصنعها الإنسان لنفسه أو تصنعها له الأيام وتحكمها الظروف، قديما ومازالت طرق البحث عن السعادة مستمرة وكأنها دروب مرسومة في مكان وزمان معين، في حين أنها معنى تستخرج من حلق المواقف وترسم على القلوب العطشى والأرواح التائقة للعيش والانغماس المديد فيها، وقد يضل الإنسان مكنونه وحقيقة نفسه، فيضل طرق السعادة وكيفية الوصول إليها؛ ظنا منه أنه ذو حظ سيء ونذير شؤم أينما حل تحل معه التعاسة والانتكاسة. ففي كثير من الأحيان وحين لا يصل إلى الوظيفة التي يتمناها أو إلى الزوجة التي لطالما حلم بها أو المسكن الذي طمح إليه يكرر ويلقن نفسه ويوحي لمن حوله أنه ذو حظ سيء وإنسان فاشل بعيد كل البعد عن طرق السعادة والفرح، فيعيش في كآبة وحزن، مفوّتًا عليه أيام وسنوات من عمره كانت طرق السعادة بجانبه يمر فيها ولا يراها أو لا يتعرف عليها.

ولو فكر قليلا بروية وحكمة لوجد أن الجانب الإيجابي في تلك الوظيفة التي لم تكن على قدر طموحه، قد عملت على استقرار بيته وعائلته فترة من الزمن، وهذا بحد ذاته باب من أبواب السعادة، وطريق فرح يستحق الانتباه إليه، وأن يستحضره بشدة كل يوم ويحمد الله تعالى عليه.

وتلك الزوجة التي لم ترق إليه كثيرا قد ساهمت معه في خوض معارك الحياة وأزماتها وأخرجته من وحدة النفس إلى شمل العائلة تحدها صور وذكريات تتراوح بين الضحك والبكاء، والشدة والرخاء، التأديب والترغيب، المزاح والعصبية، المرض والعافية وغيرها من المواقف اليومية المستمرة والتي يسميها علم النفس بملح الحياة.

مشاركة الآخرين في مناسباتهم... صلة الأرحام.. محادثة الأصدقاء... السفر إلى أماكن قريبة أو بعيدة أو حتى الخروج في نزهة نهاية الأسبوع أمور بسيطة تجلب السعادة وإن كانت لحظية، إلا أنها تزرع في النفس تراكمات من ذكريات حين يتذكرها الشخص تقتنص منه ابتسامة وهذا بحد ذاته طريق من طرق السعادة قد مر به دون عناء البحث عنه عبر خارطة الحياة الشائكة واللامتناهية في قصصها ومواقفها وأحداثها.

البعض يجد سعادته في هدوء المقاهي وموسيقاها الكلاسيكية أو صخبها وأغانيها العالية أحيانا، وليس بالضرورة أن يركب بعض الأشخاص السفن التي تخب عباب البحار من بلد إلى آخر أو الطائرات، مخترقة سقف السماء وغيومها حتى يجدوا الفرح، فقد يكفيهم السفر عبر قراءة القصص العالمية أو التاريخية أو حتى الرومانسية الخيالية منها والواقعية.

العالم مليء بالمفرحات وبمفاتيح السعادة إنما على الناس أن يجيدوا اقتناء هذه المفرحات وكيفية استعمال هذه المفاتيح وقراءة الخريطة قراءة واعية وبحكمة.

 

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز