آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

زوجٌ فقيرٌ كريم ولا غني بخيل!

تتأمل المرأةُ وقد وجدت نفسها في محبةِ وعشرة رجلٍ نبيل لا يملك المال، فترى أن الصبرَ عليه نوعٌ من أنواعِ الجهاد الذي يدخلها الجنة، وتجد نفسها مقيدةً بسلاسل القهر عندما تقع تحت سلطة لئيم، يكرم المالَ ويحبه أعظمَ منها، ولولا الخوف مما هو أمر من الصبر ما صبرت عليه!

في كلِّ الشعوب لا ترى زوجًا فقيرًا لا تعينه زوجته وتقف في صفِّه قُبَالة مِحن الدنيا، شرط أن يكونَ كريمًا بمشاعره وعواطفه! ومن ينظر في مجتمعنا لا ينفك يشاهد كيف النساء صبرن - ويصبرن - على شظفِ العيش وشدَّته، وفي كثيرٍ من الأحيان هم من يعملن ويضعن الخبزَ والسمن على سُفرةِ الطعامِ بجهدهنّ وتعبهن.

تستطيع المرأة أن تعين زوجها - وقد فعلت - سابقًا في حرثِ الأرض والعناية بالزرع، وحاضرًا في التجارة والأعمال المكتبية والوظيفة، وكل الحِرف التي يمكن للمرأة أن تقاربها ولو بمشقة، مضافًا لها خدمة المنزل وثقل تربية الأطفال، ولا تطلب المرأة إلا أن يكون الزوجُ كريمَ المحاسن، طيِّب العِشرة ويعمل بجد، وإن كبا به الدهر ولم يصب هدفه المادي فلا بأس.

أفضل الرجال المقتدر الذي لا يكون في حالةِ بخلٍ شنيع، ولا في حالةِ إسرافٍ وبذخ. تراه على الدوام ”قَوَامًا“ وعدلًا وسطًا بين الطّرفين، فلا الزيادة المفرطة ولا التقليل المفرط، ويعيش الوضعَ الطبيعي في مصرفه على صعيد الحاجة العادية في مثل ظروفه المادية والاجتماعية وموقعه في دائرة الضروريات التي لا غنى عنها والكماليات الزائدة عن الحاجة.

لكن المرأة تقدر أن تصبر على فقيرٍ يعمل بجدّ ومتى ما نهض من كبوته، تحمل المسؤوليةَ وأكرمَ عياله ولا تصبر على رجلٍ غنيّ مقتدر ولكنه لئيم شحيحٌ بالمالِ والمشاعر، يجمع مالها ويضمه لماله، ولا يصرف منه إلا بعد الخصام والجدل، وحتى إرثها من والديها إذا ماتا استولى عليه!

جزمًا، ليس الفقير من ينام ويعبث بالوقت، بل الفقير هو شخصٌ يلبس بزةَ العمل ويمشي في الأرضِ باحثًا عن العمل والرزق وسوف يلتقيان لا محالة، وتنتهي المشكلة. أما الزوج اللئيم فلا دواءَ له، وكلما أكرمته المرأةُ زادَ في اللؤم، حتى نظن أن المتنبي كان يعنيه حين قال:

إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ
وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا

مستشار أعلى هندسة بترول