آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

حَيرة وغُربَة زمن!

ماذا لو كان بحر الطوفان - لا سمحَ الله - اليوم وسمعَ الناسُ النبيَّ نوح ينادي ابنه: يا بنيَّ اركب معنا؟ فهل لن يقول الكثير من الناس ما لكَ وما لهُ يا نوح؟ أنتَ أطعمته وشرَّبته ونظفته وكبَّرته وداويته وعلَّمته، كفى والآن ليس لك شغلٌ به، فلا تنصحه ولا هم يحزنون!

هو ابني وأنا أحبّه بذات القلب الذي أحببته به وأعرف مصلحته وأنا أخبر منه بأمور الحياة! لا، لا تنصحه فهو كبيرٌ الآن ويعرف مصلحته وأنتَ غير مسؤولٍ عنه. إذًا، ماذا لو رأيتُه يسير في الطريق وفي الطريقِ حفرة، أو قاطرة مسرعة نحوه. في هذه الحالة اركض أسرع منه أو من الحافلة وتأكد من سلامته.

ابنك وابنتك سوف يتدبرون أمورهم، ولا داعي لنصائحك وعقلك، فأنت انتهت مهمتك. لكن كان هذا ما حصل في المرَّة أو المرَّات السابقة وازدادَ الأمرُ سوءً! لا عليك، خلِّيه في حاله وخلِّيك في حالك.

لن أضطهدَ شخصيَّته ولن أسقط من خصوصيته، فقط بالرفقِ واللين، أُقنعه بالفكرة. هو بصراحة ليس عاق مثل ابن نوح لكنه لا يعرف طبيعةَ الخطر والطوفان، ويظن أنه ينجو وأنا أنظر إليه في وجدٍ وحسرة لأن القضية صعبة ومن الوضعِ الطبيعي أن يحتاج الشابُّ رأسًا باردًا وعقلًا ناضجًا. دعك من عقلكَ البالي، لا تتدخل في حياةِ ابنك أو ابنتك. طيِّب سوف نرى ماذا هم صانعون!

اشتكت امرأةٌ في الولايات المتحدة الأمريكية عند قاضٍ على أمِّها بأنها تتصل بها عدَّة مرَّاتٍ في اليوم لتطمئنَّ عليها وتسأل عن أحوالها. فقال لها القاضي: سيدتي، هنالك ملايين من الناس يتمنون أن تتصل بهم أمهاتهم، فاحمدي الله.

من النصائح: إذا ملكتَ طائرًا وأحببتَه بكلِّ جوارحك فأطلق سراحه فإن عادَ إليك فهو ملكٌ لك وإن لم يعد فإنه لم يكن لكَ أبدَا، وهكذا هم الأبناء في هذا الزمان، زمان الغربة!

مستشار أعلى هندسة بترول