آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:17 م

اللباس والشخصية المتدينة

سهام طاهر البوشاجع *

هل للدين لباس معين؟ وهل يفرق بين الناس حتى يقال عن مرتاديه متدينين وعن من لا يرتديه غير متدينين؟

اختلفت الآراء في مجتمعات البشرية منذ القدم وعمد الكثيرين إلى التفرقة بين الناس اعتمادً على ظواهم تارة وعلى بواطنهم تارة أخرى، حتى قيل عنهم ”متدينين أوغير متدينين“

فقد أشار البعض إلى أن كل ملتحي أو بيده مسبحة هو متدين ونبذ الآخرون كل من لم تظهر عليه مظاهر الشخصية المتدينة وتجاذبت المجتمعات أحاديث احتملت آراء عدة ونبذت أخرى.

فما زال ينادي البعض ولا سيما في أواسط العنصر النسائي بشكل معين ”للباس المرأة“ حتى لا تخرج من مفهومهم عن ”المرأة المتدينة“ ويرى البعض أن مفهوم التدين لا يعني لباسا بذاته فضلا عن تحقيق موجبات التستر والعفة التي يجب أن تتوشح بها المرأة في لباسها وحجابها أيا كان شكله أو لونه، وما لم يوجب فتنة أو يخالف عرفا أو يثير شبهة، فريقين في المجتمع كل يدلو بدلوه وكل قد يثبت أو ينفي.

وكذلك بالنسبة إلى الرجال فهناك من يقول بأن مطلقي اللحى هم أصحاب دين أعمق من مقصريها، أو ممن يضعون الخواتم والمسابيح بين أيديهم هم أكثر تفقها في الدين ممن لا يضعونها، وهناك من يقول بأنها مجرد قشور تطلى بها الأجساد لا تعني من الواقع إلا رمزا قد يكون أحيانا يعني شيئا وقد لا يعني، معللين بأنه وإن كان للمظهر دور صغير في رسم الشخصية والهيئة العامة وإيحاء بنوع الثقافة التي يحملها صاحبها وشكل الديانة التي يتشح بها، إلا أنها ليست من الملزمات أو الحتميات التي بواسطتها يتم الجزم على مدى تدين ذلك الشخص أو نوعه.

نعم قد يرى البعض بأن سمات المتدينين لباسهم ومظهرهم الخارجي مع جوهرهم، وكما أن الجوهر الديني مهم كذلك المظهر الخارجي مهم وكلاهما مكمل للآخر، إلا أن لبعض من الناس له رأي آخر بأن ليس للمظهر علاقة بالجوهر.

وما هي إلا آراء يظهر صداها في أواسط المجتمعات منذ الأزل وحتى اليوم بين مؤيد موافق ومستنكر وشاذب.

كم شخص مر عليك أطلقت عليه حكما سريعا من مظهره؟ ثم ما لبثت بعد معاشرته غيرت رأيك فيه واستبدلت حكمك الذي أطلقته عليه إلى حكم آخر. وكم شخص أيضا مر عليك كان حكمك الأول عليه صحيح؟

هي ليست مسألة لباس أو مظهر معين بقدر ما هي سمات وشخصيات، وليس للدين علاقة بتلك الملابس وتلك المظاهر إلا إذا خرجت عن دائرة المألوف إلى غير المألوف أو شذت إلى القبيح والخادش للحياء، وليس للدين علاقة بكلمة ”متدين“ حكما عليه من مظهره فمن يدين بدين يجب عليه الالتزام بتعاليمه، لا سيما من دان بالدين الإسلامي والتزم بتعاليمه الصحيحة ووافق تشريعاته ودساتيره السماوية وما جاءت به النبوة ونصت عليه الإمامة فهذا عنوان الإنسان الحقيقي، لا شكله ولا مظهره ولا طبيعة عمله، فكلها لا تجزم ولا تنص ولا تنفي أيضا.

يقال بأن المتدين هو ذلك الشخص الذي يعتبر الوجود أرحب وأوسع من قفص المادة الضيق إذ لا تشكله مظاهر معينة وفي نفس الوقت لا تخرجه عن سمات الشخصية الجادة المؤمنة.

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز