آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

العطاء!

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

أحب المصادفات التي تأتي دون تفكير، وأؤمن أن الصدف عبارة عن رسائل لنا تخبرنا عن شيء يحدث حولنا قد يكون تحذيراً أو فرصة، منحتني المصادفة مساحة للتعرف على نماذج من البشر أحسنوا صنعاً للحياة وقدموا لها الكثير من الخير والإحسان، يأتون من إيقاع بحر الإنسانية إلى ترانيم الفرح، تساءلت ما الذي يدفع الإنسان ليُحدث فعل العطاء في الحياة؟ الواقع أن فلسفة الحياة تقتضي فعل الأخذ والعطاء، وطعم العطاء لمن جربه مختلف عن أي شيء آخر، هناك شعور مختلف يصحب فعل العطاء وكأن هناك أسراب من طيور تغني، وكوكبة من كتب ضاجة بالحياة، وقصص هاربة من ضواحي اليأس إلى فضاء الحب، فتحتشد الأفعال لتخلق مزيجاً من التأملات على صفحات الروح، فما من أحد يستطيع أن يجاري جمال هؤلاء البشر المملوئين بالخير، هم مثل الأحجار الشفافة التي تعكس ما بداخلها، وغالباً ما أتساءل هل العطاء فطرة بالإنسان أم مهارة يمكن تعلمها منذ الصغر؟ وما محددات العطاء ومفهومه؟ أتطلع وأبحث عن شيء مثير أقرؤه عن العطاء وقيمته الإنسانية، وتأثيره على الفرد ومن ثم المجتمع، فهو مجال خصب للدراسات الإنسانية، ولا يمكن تجاهل شخصية تؤمن بالعطاء، فالعطاء فكرة والأفكار لا تموت كما يقال، وهو أحد الفضائل الإنسانية التي تجعل الفرد ينطلق من التمحور حول دائرته الذاتية لينفذ إلى دائرة الآخر فيتخلص من كثير من القيود كالتخلي عن التملك والأنانية وتفضيل البذل والإيثار والتجرد من سلوكيات كثيرة كالتفكير طوال الوقت بالنفس والرغبات والأهواء والانطلاق نحو الآخر، ومساعدة الآخر بأدوات وطرق مختلفة، فالمقدرة على العطاء وأحياناً الإيثار وهو المرتبة الأعلى للنفس البشرية المعطاءة وهو نوع من التجلي والنقاء الذي يؤكده جيم رون في مقولته "المبلغ الذي أعطيته ليس المهم.

ما يهم هو ما يمثل هذا المبلغ لحياتك". وأعود لنفس تساؤلي: كيف يمكن أن نعلم أطفالنا منذ الصغر العطاء وأنه قيمة إنسانية عليا، وأن الانسان الخيّر يزرع كل طريق يمر به بزهور العطاء.